ما ستجده في هذا المقال:
قد يتصور البعض أن الإصابة بالاكتئاب لا تتعدى حالة نفسية تؤدي إلى الشعور بالحزن أو الرغبة بالانتحار. لكن الأمر له أبعاد أعمق من ذلك، حيث أثبتت الدراسات أن الإصابة بالاكتئاب لها تأثير كبير على الصحة الجسدية للشخص والجهاز المناعي بشكل خاص.
إن كنت أنت أو أحد الأشخاص المقربين منك يعاني من الاكتئاب فاكتشف كيف يمكن لصحته الجسدية أن تتأثر في حالة عدم علاجه بشكل كامل.
كيف يؤثر الاكتئاب على الجهاز المناعي
عند الإصابة بالاكتئاب، فإن الشخص يعاني من أعراض جسدية بالإضافة إلى الأعراض النفسية. ومن ضمن هذه الأعراض الجسدية الشائعة تدني كفاءة الجهاز المناعي لديه. ومع ذلك فإن العلماء إلى الآن لم يستطيعوا تحديد نوع العلاقة على وجه الدقة.
حيث تشير النظريات الناتجة عن الدراسات على الفئران إلى وجود صلة بين التوتر والاكتئاب ووظيفة المناعة، والتي تتضح على النحو التالي:
- عند التعرض للإجهاد أو التوتر باستمرار، فإن الجسم يطلق المزيد من الكورتيزول.
- هرمون الكورتيزول يؤثر الخلايا الدبقية الصغيرة المسؤولة عن حماية الخلايا العصبية السليمة. فتبدأ في إنتاج السيتوكينات (بروتينات مؤيدة للالتهابات).
- يعمل السيتوكينات على تدمير الخلايا الدبقية الصغيرة ذاتها، مما يؤدي إلى إنتاج المزيد من السيتوكينات.
- تؤدي هذه السلسلة الالتهابية إلى إتلاف المشابك العصبية وإثارة الالتهاب في جميع أنحاء الدماغ. وتعتبر مناطق الدماغ المسؤولة عن التحكم في الحالة المزاجية أو العاطفة معرضة بشكل خاص لهذا الهجوم الالتهابي.
- تقلل هذه التأثيرات من مستويات النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، وبالتالي قطع الاتصال الطبيعي بين خلايا الدماغ.
- وبالتالي التأثير على الرسائل العصبية المسؤولة عن تنظيم النوم والشهية والعاطفة والذاكرة. والتي تعتبر جميعها من الأعراض الشائعة للاكتئاب.
اعرف إذا كنت مصابًا بالاكتئاب (ابدأ اختبار الاكتئاب الآن)
العلاقة بين الاكتئاب والجهاز المناعي
ليتم تشخيص الإصابة بالاكتئاب، لا بد من توفر مجموعة من الأعراض الشائعة، مثل:
- التوتر المستمر.
- اضطراب نمط النوم.
- اختلال النظام الغذائي.
- الابتعاد عن الآخرين أو العزلة.
لا ينحصر حدوث هذه الأعراض على معناها اللفظي، بل لها تأثير على الجهاز المناعي للشخص عند إصابته بالاكتئاب. فيصبح أكثر عرضة للإصابة بالأمراض العضوية والشعور بالتعب أو الإرهاق.
ومع ذلك، لا زلنا بحاجة إلى تفسير العلاقة بشكل أكبر. حيث أن الاحتمالات الموجود والمتعلقة بهذه العلاقة هي:
- يعمل الاكتئاب بالتأثير على جهاز المناعة ويعمل على إضعافه وزيادة التعرض للأمراض.
- تسبب الأمراض الكبيرة أو المزمنة اضطرابات مزاجية مثل الاكتئاب.
- يمكن للمسبب الأساسي للإصابة بالاكتئاب التسبب بأمراض عضوية أخرى وإضعاف الجهاز المناعي في هذه الحالة.
الأمراض الشائعة المتعلقة بالاكتئاب
بالإضافة إلى الأمراض المعدية، فإن الشخص المصابة بالاكتئاب يصبح أكثر عرضة من غيره للإصابة ببعض الحالات المرضية بسبب تأثير حالته النفسية على الجهاز المناعي لديه.
ومن ضمن الحالات العضوية التي تزيد احتمالية حدوثها في هذه الحالة:
نزلات البرد
قد تصبح أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد في حال كنت تعاني من ضغوط نفسية مستمرة واكتئاب، كما أن نزلة البرد هذه قد كن أن تستمر لفترة أطول.
أمراض القلب
بسبب ارتباط أمراض القلب والأوعية الدموية بالالتهابات، فإن الشخص الذي يعاني من الاكتئاب هو أكثر عرضة لمشكلات القلب هذه. فقد أظهرت الدراسات أن الأشخاص المصابون بالاكتئاب أكثر عرضة بنسبة 64% للإصابة بمرض الشريان التاجي.
كما أن العكس قد يحدث، حيث أن ما يصل إلى 40% من الأشخاص المصابين بأمراض القلب يصابوا بالاكتئاب في مرحلة ما من حياتهم. حيث أن سوء التغذية وعدم ممارسة الرياضة وعادات النوم السيئة التي ترافق الإصابة بالاكتئاب يمكن أن تؤدي جميعها إلى زيادة خطر الإصابة بمشاكل صحة القلب.
يصاب من يعاني من أمراض القلب بالاكتئاب بمعدل ثلاثة أضعاف معدل الأشخاص الأصحاء.
الأورام والسرطانات
من الملفت للانتباه أن الشخص الذي يعاني من الاكتئاب يصبح أكثر عرضة لخطر الإصابة بالأورام، وقد يعود ذلك إلى السلوكيات التي غالباً ما تلاحظ في هذه الأثناء. حيث أن الشخص المكتئب يعتمد على استراتيجيات غير صحية للتأقلم مع ما يمر به، مثل:
- التعود على التدخين بكثافة.
- الإفراط في شرب الكحول.
- عدم ممارسة أي نشاط بدني أو البقاء خاملاً.
تم ملاحظة وجود السيتوكينات (البروتينات المسببة للالتهابات) ذاتها في كل من السرطان والاكتئاب. وبشكل خاص في سرطان البنكرياس والمبيضين.
أمراض المناعة الذاتية
كلما كان الشخص أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية كلما كان أكثر قابلية للاكتئاب بنسبة 45%. حيث أن هذه الأمراض من شأنها تنشيط الجهاز المناعي بشكل كبير، كما أنها تسبب ألماً مزمناً يؤدي في النهاية إلى الاكتئاب. ومن ضمن أمراض المناعة الذاتية المرتبطة بالاكتئاب:
- مرض جريفز.
- القولون العصبي.
- الذئبة.
- التصلب المتعدد.
- الصدفية.
- التهاب المفاصل الروماتويدي.
هل تشعر بالقلق؟ لا تخف، فقد أظهرت الدراسات أن علاج أعراض الاكتئاب لدى النساء المصابات بسرطان الثدي المتقدم كان مرتبطاً بالبقاء على قيد الحياة لفترة أطول. فكيف يمكن لعلاج الاكتئاب أن يؤثر إيجاباً على الجهاز المناعي؟
هل يفيد علاج الاكتئاب له تأثير إيجابية على الجهاز المناعي؟
بسبب الارتباط الوثيق الموضح سابقاً بين الاكتئاب والجهاز المناعي، فإن حصول الشخص على علاج لحالة الاكتئاب لديه له الكثير من التأثيرات الإيجابية على صحته. حيث تظهر الدراسات أن علاج الاكتئاب يعمل على:
- تقليل خطر الإصابة بالسكتات الدماغية أو النوبات القلبية بمقدار النصف.
- تحسين مستويات السكر.
- التقليل من الشعور بالألم.
- تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية.
حيث أن علاج الاكتئاب يمكن أن يتسبب في اختفاء الالتهاب المتكون في الدماغ، حتى في حالات التراكمات الكبيرة من الالتهاب في الدماغ بسبب بقاء الشخص المكتئب دون علاج لفترات طويلة من الزمن.
أكدت الكثير من الأوراق العلمية أن الأشخاص الذين دخلوا للمستشفى بسبب عدوى حادة كانوا أكثر عرضة بنسبة 62% للإصابة باضطراب المزاج.
لذلك قد يسعى الطبيب المعالج إلى تجربة عدة طرق في حال عدم الوصول إلى الفائدة المرجوة من الأدوية لعلاج الاكتئاب. ومن ضمن هذه الطرق هو التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS)، والذي من خلاله يتم تطبيق نبضات مغناطيسية عالية التركيز على مناطق الدماغ التي تنظم الحالة المزاجية.
كلمة من عرب ثيرابي
على الرغم من الفائدة الكبيرة المحققة من العلاجات الدوائية في حالة الاكتئاب في معظم الحالات، إلا أن هذه الأدوية من شأنها علاج أعراض الاكتئاب وتحسين مستويات الهرمونات الدماغية فقط دون التطرق إلى الأنماط الفكرية التي تؤثر على مشاعر الشخص وسلوكياته.
لذلك يرى الأخصائيون النفسيون في عرب ثيرابي أن طلب المساعدة المتخصصة يضمن للشخص معرفة الترابط الوثيق بين الأفكار والمشاعر والسلوكيات، وضمان تقليل احتمالية التعرض للانتكاسات المستقبلية.