ما ستجده في هذا المقال:
من الطبيعي أن يجب معظم الأشخاص الترتيب والتنظيم، ومع ذلك نصف بعضهم بأنهم غريبي الأطوار، حيث أن الترتيب والتنظيم لديهم يأخذ مأخذ الهوس المفرط. الأمر الذي يجعل من يعاني من الوسواس القهري الفكري التماثلي إلى القيام بتكرار الأمور للتأكد من وضعها بشكلها الصحيح.
إن كنت أنت أو أحد الأشخاص من حولك يعاني من هذا الوسواس القهري فحاول معرفة المزيد عنه من السطور التالية.
ما هو الوسواس القهري الفكري التماثلي؟
الوسواس القهري الفكري التناظري هو شكل من أشكال الوسواس القهري يجعل الشخص بحاجة إلى التركيز على وضع الأشياء بطريقة معينة أو البقاء منشغلاً في إعادة ترتيبها للوصول إلى الشكل المطلوب.
وفي حال واجه هذا الشخص عنصراً غير مرتب أو مكتمل بشكل من الأشكال، فهو يشعر بالقلق المفرط من هذا الأمر، مما يضطره إلى إعادة الترتيب مراراً وتكراراً في محاولة الوصول إلى شكل صحيح.
تسمى الأفكار المتطفلة في هذه الحالة (الهواجس)، بينما السلوكيات المتكرر (السلوكيات القهرية).
أعراض الوسواس القهري الفكري التماثلي
في الوقت الذي يشعر به بعض الأشخاص المصابين بالوسواس القهري الفكري التماثلي بالقلق والتوتر والانزعاج المفرط من هواجسهم، وشعورهم بالعجز من عدم قدرتهم على التحكم بها بل الانخراط بالسلوكيات القهرية، قد يجدها جزء آخر منهم طبيعية ولا بأس بها. بل أنها تساعدهم ليكون أكثر تنظيماً وتناسقاً.
ويمكن التعرف على من يعاني من هذا الوسواس القهري الفكري بشكل بسيط من خلال ملاحظة مجموعة الأعراض التي يعاني منها. والتي تشتمل على:
قد يهمك: اختبار الوسواس القهري (اختبار تقييمي)
الهواجس
تشمل مجموعة الأفكار التي تراود الشخص في هذه الحالة على:
- الحاجة إلى التوازن الشديد، فمثلاً عند المشي قد يحتاج الشخص إلى الشعور بالضغط المتساوي على كلا قدميه.
- جعل الأشياء متناسقة، كالرغبة بترتيب الأشياء بطريقة تظهر بأنها أكثر تناسقاً مما كانت عليه على الرغم من أن وضعها السابق لا يعاني من مشكلة. ويظهر ذلك بإعادة ترتيب محتويات الأدراج أو الخزانة أو الوسائد.
- الشعور المستمر بالخوف والفزع من حدوث شيء سيئ إذا كان الشيء في غير مكانه أو بشكل غير متماثل.
- الحاجة إلى لمس الأشياء أو التقاطها بطريقة معينة أو بترتيب معين.
- الشعور بعدم الاكتمال أو أن الأمور ليست على ما يرام عندما تكون غير مرتبة أو متماثلة. مما يولد شعوراً بالانزعاج وعدم الارتياح حتى في المواقف التي لا تثيرها بالضرورة.
لا يهم المكان التي تظهر فيه هذه الهواجس، فقد تواجه الشخص في المنزل الخاص أو منزل أحد الأصدقاء أو مكان العمل أو المطعم، أو السوبر ماركت.
السلوكيات القهرية
كما هو الحال في جميع أنواع الوسواس القهري، فإن الشخص الذي يعاني من وسواس فكري يتعلق بالترتيب والتماثل يبدأ في ممارسة بعض السلوكيات والأفعال التي تخفف من شعوره بالضيق والانزعاج وإيقاف الأفكار المتطفلة لديه. وتشتمل هذه السلوكيات على:
- التماثل الدقيق، ويظهر من خلال تتبع حواف الأشكال الهندسية المتناظرة، أو التأكد من عدم وجود أي تباين واضح في الكتابة اليدوية. كما أنه في بعض الحالات يتم كتابة نفس العدد من الكلمات في كل سطر من الصفحة.
- ترتيب الملابس والأحذية والمؤن، وما إلى ذلك بشكل منظم لا تشوبه شائبة، مما يضمن الوصول إلى الكمال المطموح.
- يمكن أن يشمل ذلك تنظيم العناصر حسب اللون أو الحجم أو الرقم، أو ترتيب العناصر لتلبية جمالية معينة. كما قد يكون الترتيب وفقاً لأسلوب معين أو مجموعة قواعد يضعها الشخص في ذهنه.
- الأحاسيس المتماثلة، فمثلاً قد يقوم الشخص بربط الأحذية بحيث تكون ضيقة بالتساوي من كلا الجانبين، أو يلمس لركبته اليسرى ليشعر بالتناظر إذا اصطدم شيء ما بركبته اليمنى. بالإضافة إلى عد الخطوات بحيث تكون عدد الخطوات في القدم اليمنى مساوي لما هو في اليسرى.
يشار إلى من يقوم بهذه السلوكيات عادة على أنه يسعى إلى الكمال نظراً لحاجته إلى الترتيب والتنظيم بدقة كبيرة.
ما الذي يسبب الوسواس القهري الفكري التماثلي؟
على الرغم من عدم معرفة السبب الحقيقي وراء الأمر، إلا أن هناك مجموعة من العوامل التي قد تظهر أنها تساهم في ذلك. ومن ضمنها:
كيميائية الدماغ وهيكلته
تظهر الأبحاث والدراسات أن لبنية الدماغ ومستوى المواد الكيميائية فيه (الدوبامين والسيروتونين) لها دور كبير في تطوير الشخص أعراضه الخاصة بالوسواس القهري الفكري التماثلي.
الوراثة
الكثير من الحالات النفسية لها أساساً وراثياً، حيث قد ينتشر الوسواس القهري في العائلات في حال ظهور حالة فيها. كما أن الدراسات القائمة على التوائم أظهرت الدور الوراثي في ذلك.
البيئة الشخصية
هناك مجموعة متنوعة من العوامل الشخصية التي تساهم في الإصابة بالوسواس القهري الفكري. ومنها:
- التنشئة والبيئة الأسرية.
- العلاقات الشخصية.
- التعرض للصدمات النفسية.
- الضغط النفسي غير المعالج.
كما أن هناك بعض عوامل الخطر التي قد تزيد من احتمالية إصابة الشخص بهذا النوع من الوسواس القهري. مثل:
- الجنس: يعتبر هذا النوع من الوسواس القهري أكثر انتشاراً بين الرجال منه بين النساء.
- العمر: كلما تم اكتشاف اضطراب الوسواس القهري لدى الشخص بعمر مبكر، كلما كان أكثر احتمالية للتعرض لمثل هذه الأفكار المتطفلة.
- الحالات الأخرى: في كثير من الأحيان يرتبط الوسواس القهري الفكري التماثلي بالإصابة بحالات أخرى، مثل بعض اضطرابات التشنج اللاإرادي (كحالة توريت).
طرق التخلص من الوسواس القهري الفكري التماثلي
تساعد الإجراءات الذاتية والعلاجات النفسية والدوائية في الحد من الأعراض التي يعاني منها الشخص في هذا الاضطراب، كما أنها تعطيه المزيد من السيطرة والتحكم بحياته اليومية. فغالباً ما يساعد في ذلك:
- الحصول على المساعدة النفسية المتخصصة والتي من خلالها يتعلم الشخص مهارات التكيف للتعامل مع هواجسه باختلاف شدتها.
- التعرف بشكل أدق على هذا الاضطراب النفسي والحصول على المزيد من المعلومات والاستفادة من التجارب الشخصية الأخرى.
- تدوين اليوميات للتمكن من تتبع الأعراض والمحفزات ومحاولات التغلب على الأفكار المسيطرة في هذه الأثناء.
- الحصول على الدعم النفسي من قبل الأشخاص المقربين، والتحدث عما يجول في ذهنك للإفراج عما تحمله من أفكار مزعجة.
- يمكن الاعتماد على الأدوية المضادة للاكتئاب للحد من الأعراض، حيث تعتبر مثبطات امتصاص السيروتونين خياراً جيداً لذلك.
يعتبر اضطراب الوسواس القهري شائعاً إلى حد ما، حيث أن حوالي 2% من سكان العالم سنوياً يتم تشخيصهم به.
كلمة من عرب ثيرابي
هناك الكثير من الأساليب العلاجية المناسبة للتخلص من أعراض الوسواس القهري، حيث يرى الأخصائيين النفسيين في عرب ثيرابي أن العلاج المعرفي السلوكي هو من أكثر هذه الأساليب العلاجية فاعلية في هذه الحالة. كما أن الدمج بين العلاج الدوائي والنفسي غالباً ما يأتي بنتائج أكثر إيجابية.