
القلق هو حالة انفعالية أو شعور غامض غير سار يتصف بالتوجس والتوتر يكون مصحوبا ببعض الإحساسات الجسمية وخاصة زيادة في نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي. القلق يمكن أن يكون قلقاً صحياً طبيعياً يؤدي إلى وظيفة مهمة للفرد، حين يحفزه إلى درء الخطر عنه، ومن ثم يدفعه إلى السلوك السوي (aim anxiety
يختلف القلق من حيث الدرجة وحسب الموقف الذي يتعرض له الأفراد، فقد يكون ضعيفاً ومؤقتاً فيزول بزوال الموقف (قلق الحالة)، أو يكون ملازماً فيصبح من سمات الشخصية (قلق السمة)
قد يؤدي القلق إلى اضطرابات أخرى في حال عدم علاجه (مثل الوسواس القهري).
تاريخ القلق:
كلمة قلق Anxiety قد استعملت بشكل واضح في القرن العشرين ولكن الكتابات القديمة تحدثت عن التوجس والتخوف والتفكير المتعب بالأمور.
أصل كلمة Anxiety هو لاتيني وتعني العقل المنزعج وهي تعني عدم الراحة وانزعاج العقل من أشياء غير مؤكدة أو رغبة مكبوتة.
علينا أن نميز بين القلق كسمة والقلق كحالة:
- حالة القلق: تشير إلى خبرة وقتية متغيرة وهي مرحلة متعلقة بشعور الفرد بأنه مضطرب.
- سمة القلق: وهي تشير إلى ميل أو تهيؤ للفروق الثابتة نسبيا في القابلية للقلق أي تشير إلى الاختلافات بين الناس في ميلهم للاستجابة تجاه المواقف التي يدركونها. من المجتمعات الغربية يعانون من اضطرابات القلق.
انتشار القلق:
30-40% من المجتمعات الغربية يعانون من اضطرابات القلق.
أسباب القلق:
- استعداد الفرد النفسي: ويتمثل في الشعور بالتهديد الخارجي والداخلي الذي يظهر نتيجة للأحداث التي يمر بها الفرد وتؤثر عليه وتؤدى به إلى التوتر.
- أحداث الحياة الضاغطة: ومواقف الضغط والحرمان واضطرابات العلاقات الشخصية مع الآخرين وما تسببه دروب الحياة من بطالة وفقر وحرمان
- الاستعداد الوراثي.
- عدم التطابق بين الذات الواقعة والذات المثالية وعدم تحقيق الذات.
تفسير القلق:
التفسير التحليلي:
فرويد: ينشأ نتيجة تهديد (الهو) لدفاعات (الأنا) عند محاولة إشباع نزعاتها الغريزية التي لا يوافق عليها المجتمع. وفي هذه الحالة فإن (الأنا) لا بد أن تدافع عن نفسها، وغالباً ما تلجأ إلى بعض الحيل الدفاعية؛ كالإسقاط والتبرير والنكوص، ولكن هذه الحيل لا تؤدي إلى راحة دائمة وإنما تؤدي إلى راحة مؤقتة؛ لأنها تقوم على تشويه الواقع وعندها قد تعجز (الأنا) عن إيجاد طرق أخرى لرد هذه النزعات الغريزية فينشأ القلق
سوليفان: ينظر للقلق على أنه حالة مؤلمة للغاية تنشأ من معاناة عدم الاستحسان في العلاقات البينشخصية
التفسير السلوكي:
لقلق سلوك متعلم من البيئة التي يعيش في وسطها الفرد، فأكد (بافلوف) أن القلق ينجم عن شارة الخطر التي ترد من المنبه الشرطي ليأخذ نفس رد الفعل الذي نتج سابقاً
التفسير المعرفي Cognitive Theory
يميل الفرد القلق إلى وضع توقعات غير واقعية لمواقف متعددة، وأن القلق انفعال قائم على تقييم التهديد) إذ ينظرون للتهديدات والضغوط التي يواجهها الفرد) كمتغير يتدخل في عملية حدوث القلق والاستثارة، ويضيف كيلي و ماندلر أن الاضطرابات ما هي إلا استجابات انفعالية وجدانية، يكتسبها الفرد خلال خبرته في الحياة
يرى ألبرت أليس أن القلق نتيجة فشل الفرد في النجاح في تطبيق أفكاره اللاعقلانية على الواقع (مثل المثالية Perfection)) ينشأ القلق.
التفسير الإنساني Humanistic Theory
القلق هو الخوف من المستقبل، وما يمر به من أحداث تهدد وجود الإنسان أو كيانه الشخصي، فالقلق ينشأ من توقعات الإنسان لما قد يحدث
وجودياً: سبب القلق هو محاولات الفرد لجعل معنى لحياته، وأنه لا يمكن أن تحقق شخصيته ما لم يعش خبرة القلق ويعاني
يعتقد أن المدارات العصبية التي تشمل اللوزة Amygdala الأساس البيولوجي للقلق:تشكل القلق عندما تواجه بالمنبهات المكروهة والضارة المحتملة.
أنواع القلق:
القلق الموضوعي:
ويعد هذا القلق قلقا عاديا ومنطقيا ودافعيا ينشأ عندما يواجه الفرد تهديدا خارجيا يتوقع حدوث أذى للفرد وهذا النوع من القلق يساعد الفرد على مواجهة هذا الخطر ومحاولة القضاء عليه.
القلق المرضى:
يعد هذا القلق العصابي الذي ينتج عنه خوف غير عادي بدون سبب محدد حيث يجهل المصاب الأسباب التي أدت إلى هذا ويجعله يرد هذا إلى موقف حدث في حياته دون أن يكون له علاقة به ويشمل هذا خوف زائد يكثر في المواقف المرتبطة به.
مكونات القلق:
- مكون انفعالي: Emotional الخوف / الفزع / التوجس / التوتر / الهلع / الانزعاج
- مكون معرفي: (Cognitive) ويتمثل في التأثيرات السلبية لهذه المشاعر على مقدرة الشخص على الإدراك السليم للموقف والتفكير في عواقب الفشل والخشية من المستقبل
- مكون فسيولوجي (Physiological): زيادة ضربات القلب وسرعة التنفس وشحوب الوجه والتعرق
- مكون سلوكي (Behavioral): يتضمن غالباً محتوى السلوك الحذر أو التجنبي.
الية القلق:
إن اضطرابات القلق ناجمة عن تفاعل عوامل حيوية+ نفسية+ اجتماعية + القابلية الوراثية للشخص التي تتفاعل مع حالات الإجهاد أو الصدمات لإنتاج الأعراض السريرية للقلق في الجهاز العصبي المركزي وتعتبر أهم الوسائط لأعراض اضطرابات القلق هي الناقلات العصبية (نورابينيفرين + سيروتونين).
حيث انخفاض مستوياتهما مُرتبط بحدوث أعراض القلق في مُحيط الجسم الجهاز العصبي المُستقل Autonomic Nervous System، خاصة الجهاز العصبي الودي Sympathetic Nervous System، مسؤول عن حدوث العديد من أعراض اضطرابات القلق.
أنواع اضطرابات القلق:
- اضطراب قلق الانفصال
- الصمت الانتقائي
- الرهاب النوعي
- اضطراب القلق الاجتماعي (الرهاب الاجتماعي)
- اضطراب الهلع
- رهاب الساح
- اضطراب القلق المعمم
- اضطراب القلق المحدث بمادة دواء
- اضطراب قلق محدد آخر
- اضطراب قلق غير محدد
وهناك معايير عامة مشتركة لاضطرابات القلق أنها تسبب إحباطا سريرياً أو انخفاضا بالأداء المهني أو الاجتماعي، ولا يعزى الاضطراب للتأثير الفسيولوجي المباشر لمادة أو دواء (باستثناء اضطراب القلق المحدث بمادة دواء)، كما لا تفسر الأعراض بشكل أفضل من خلال اضطراب عقلي آخر لكل اضطراب على حده.
علاج اضطرابات القلق:
العلاج النفسي:
الأساليب السلوكية والسلوكية-المعرفية تعتبر الأكثر فاعلية بسبب كون الأشخاص غالباً على وعي بمشكلتهم والأفكار اللامنطقية ولكن مع عدم قدرتهم على السيطرة على هذه الأفكار ومنها:
- تقليل الحساسية التدريجي
- التعريض التدريجي
- تقنية الاسترخاء
- النمذجة
- إعادة البناء المعرفي ومعالجة الأفكار اللاعقلانية
- الإلهاء والتشتيت
- تقنيات التذكير والتنبيه (تستخدم في حالات مثلاً قضم الأظافر).
العلاج الدوائي:
الأدوية المهدئة من زمرة البنزوديازيبين مفيدة وفعالة وهي تستعمل لفترات قصيرة عادة لمدة أسابيع أو عند اللزوم لأنها تسبب التعود إذا استعملت لفترات طويلة وبشكل يومي. ومنها ديازيبام (Valium)
وكلونازيبام (Rivotril)
وبرومازيبام (Lexotanil) وألبرازولام
وهذه الأدوية المهدئة تخفف من أعراض القلق والخوف، مما يفيد المريض بأن يجعله يتصرف بشكل مقبول في أموره اليومية دون الهروب والابتعاد عن المواقف التي يتوقع فيها الخوف.