وسواس الخوف من كلام الناس: أسبابه والتخلص منه

بسبب طبيعتنا الاجتماعية، فإن الشخص غالباً ما يهتم لما يعتقده الآخرون عنه، وقد يساعد هذا الأمر في تحسين سلوكياتنا وشخصياتنا. ولكن الخوف من كلام الناس لدرجة الوسواس قد يعود على الشخص بالكثير من النتائج السلبية، لذلك لا بد أن يتعلم كيفية التوقف عن ذلك.

 

وسواس الخوف من كلام الناس

يصاب الشخص بوسواس الخوف من كلام الناس عندما لا يستطيع الشعور بالرضا الذاتي عن تصرفاته وأقواله وشخصيته دون الحصول على موافقة الآخرين عليه. فنراه دائماً ما يركز على نفسه من خلال طريقة نظر المحيطين إليه، ومن ثم القيام بالتحسينات بناءً على هذه النظرة للوصول إلى المثالية المتخيلة.

 

ما هي أسباب وسواس الخوف من كلام الناس؟

غالباً ما يكون الأمر بديهياً وتلقائياً دون تفكير فيه، ولكن وسواس الخوف من كلام الناس يحدث لأسباب داخلية منها:

الحاجة الفطرية

حيث إن الكثير من العمليات والأنشطة الدماغية في رأسنا تتعلق بعلاقاتنا مع الآخرين، فإن الشخص:

• يكون أكثر سعادة خلال تواجده ما بين الناس، وهذا التواجد يحدده مدى تفكير الآخرين به.
• يمارس الكثير من النشاطات اليومية الروتينية بالمشاركة مع الآخرين، لذلك يعتبر الأمر في غاية الأهمية.
• بطبيعة تكوينه يرتبط بعلاقاته مع المقربين والأصدقاء، وخوفه من خسارة هذه العلاقات تحتم عليه القلق باستمرار من رأي الآخرين عنه.

التجارب المبكرة

إن مرور الشخص خلال مرحلة الطفولة أو المراهقة بمجموعة من التجارب المؤلمة تعمل على تطوير الخوف من كلام الناس بشكل لافت، ومن هذه التجارب:

• التعرض للتنمر أو سوء المعاملة.
• الاستبعاد المتكرر من المجموعات.
• إهمال الوالدين للطفل.
• الضغوط المتولدة من التعامل مع النرجسيين المقربين.
• التعرض لمواقف تم الحكم فيها على الشخص أو توجيه التهم والإذلال.
• الأحداث الصادمة المتنوعة.

العواطف والحالات النفسية

غالباً ما يجد الشخص نفسه يعاني من الخوف من كلام الناس في بعض الحالات النفسية أو عندما تتملكه مجموعة من العواطف الداخلية، مثل:

• إذا كان الشخص يعاني من القلق الاجتماعي.
• افتقار الشخص للدعم العاطفي الحالي أو السابق.
• تدني احترام الشخص لذاته.

القلق بشأن ما يعتقده الآخرون عنك هو مؤشر رئيسي على أنك لا تشعر بالرضا دون موافقة الآخرين.

التكوين الدماغي

يتفاعل الدماغ بشكل تلقائي مع النتائج المترتبة على التفاعلات البشرية، حيث أظهرت الدراسات وجود تفاعل فيزيائي حيوي واستجابة كيميائي داخل الدماغ أثناء تصويره نتيجة للتفاعلات الإيجابية أو السلبية مع الآخرين.

تحقيق الأهداف

قد يبقى الشخص قلقاً وخائفاً من كلام الناس وآرائهم عنه عندما يطمح لتحقيق بعض الأهداف، أو الرغبة بالانتماء لمجموعة، لذلك قد يسعى الشخص جاهداً لتحقيق بعض التغييرات في شخصيته ليصبح لائقاً بهذه المجموعة.

 

كيف يمكن التخلص من وسواس الخوف من كلام الناس؟

قد يشعر الشخص بعدم الرضا الذاتي عندما يركز جل اهتمامه على الخوف من كلام الناس عنه وكيفية حكمهم عليه، فنجده دائماً التغيير في سبيل الحصول على الأحكام الإيجابية. ولكن لن يساعده ذلك في تطوير نفسه، لذلك يمكنه التخلص من وساوسه هذه من خلال:

الخطوات الفورية

ما أن يشعر الشخص بالانجرار وراء الأفكار والخوف من كلام الناس عنه، حتى يبدأ بسلسة لن تنتهي من الأفكار والمعتقدات التي تزيد قلقه وتوتره، لذلك:

• يمكن تجربة التنفس العميق، مما يساعد في زيادة النشاط واسترخاء الذهن والاتصال الذاتي بشكل أفضل.
• زيادة اليقظة الذهنية، بحيث يدرك الشخص أفكاره السلبية، وبالتالي تشتيت هذه الأفكار من خلال التركيز على أمور أخرى.

الخطوات التتابعية

للتمكن من التخلص من وسواس الخوف من كلام الناس لا بد من تجهيز الشخص لنفسه وإعطائها الوقت الكافي لذلك. حيث أن اتباع الخطوات التالية يساعد في تحقيق نتائج إيجابية:

• ابحث عن الأسباب الحقيقية وراء هذه المخاوف، وما جدوى الإجراءات المتبعة للحصول على القبول من قبل الآخرين.
• معرفة الشخص لمعتقداته وجوهره الداخلي.
• إقناع النفس أن الخوف من كلام الناس ما هو إلا السماح لهم بالتحكم بحياتنا بطريقة سلبية.
• إقناع النفس بأن ما يعتقده الآخرون عنا لا يعكسنا على حقيقتنا، حيث لا يمكن توجيه الآخرين للتفكير بالطريقة التي نريدها من خلال قيامنا ببعض السلوكيات. لذلك يجب فعل ما تمليه علينا أنفسنا وترك الآخرين يعتقدون ما يناسبهم.
• توجيه الطاقة للأمور الأكثر فائدة من النظر فيما يظنه الآخرين.
• تقبل فكرة أن الجميع يرتكب الأخطاء، وما ينطبق على الجميع ينطبق علينا، لذلك يجب عدم الحكم على النفس من خلال بعض الأخطاء.
• ممارسة تمارين التعاطف مع النفس، والتي تنعكس بالإيجابية على الشخص وتجعله أكثر تقبلاً لذاته.

 

ما هي فوائد التخلص من وسواس الخوف من كلام الناس؟

على الرغم من صعوبة التوقف عن القلق فيما يتعلق بكلام الناس، إلا أن الأمر يستحق التعب. حيث يمكن للشخص حصاد مجموعة من الفوائد عند تخلصه من هذا الوسواس، منها:

زيادة الجاذبية

إن الاهتمام بكلام الناس لا يجلب إلا الشعور بالهم، وما أن يتخلص الشخص منه حتى تبدو مواقفه وشخصيته أكثر جاذبية.

التواجد بين الأشخاص المناسبين

في اللحظة التي يقرر فيها الشخص التخلص من اهتمامه بكلام الآخرين. يبدأ الأصدقاء غير الحقيقيين أو الأشخاص غير المناسبين بالاختفاء من محيط الشخص ليبقى فقد من يكترث لأمره بشكل حقيقي.

الاهتمام بالذات

عند التوقف عن هذه المخاوف، فإن الشخص سيشعر بمزيد من السعادة لاهتمامه لما يرغب أن يكون وليس ما يرغب الآخرين أن يكون.

تحقيق السعادة الذاتية

في حال الخوف من كلام الناس يعتمد الشخص على الآخرين في الشعور بالسعادة، أما في هذه الحالة فهو يعتمد على ذاته لتحقيق سعادته.

الإيجابية والراحة

الاهتمام بالذات دون التركيز لآراء الآخرين يمنح الشخص الكثير من الإيجابية، والتي بدورها تنعكس على الأشخاص من حوله. لذلك قد يرغب الكثيرون بالتعامل مع هذا الشخص والبقاء حوله لما ينشره من راحة وإيجابية.

تحقيق الذات

عندما لا يهتم الشخص بأحكام من حوله، فهو يشعر بمزيج من المشاعر الذاتية، مثل:

• الجرأة والشجاعة.
• الثقة بالنفس واحترام الذات.
• عدم الخجل من الاختيارات الحياتية التي يقوم بها الشخص.

 

هل يعد الخوف من كلام الناس أمراً مفيداً أم ضاراً؟

على الرغم من أن الخوف من كلام الناس يقلل الاعتمادية الذاتية للشعور بالسعادة، بالإضافة إلى الشعور بعدم الأمان والضعف، إلا أن التوازن في الأمر يعمل على:

• الحفاظ على العلاقات الاجتماعية قدر الإمكان.
• تتبع المواقف التي يمكن أن يكون الشخص فيها قد قام بإيذاء غيره دون قصد.

 

كلمة من عرب ثيرابي

قد يكون الخوف من كلام الناس ناتجاً عن الخوف من الانتقاد الذي يوجه للشخص، لذلك فإننا في عرب ثيرابي نرى أنه يمكن تجاوز الأمر من خلال التحدث مع أحد الأخصائيين النفسيين، حيث يتعلم الشخص في هذه الأثناء كيفية التعامل بشكل فعّال مع النقد وزيادة ثقته بنفسه والتخلص من التوتر.