الذاكرة الكاذبة: آلية تشويش الذاكرة وآثارها النفسية

قد يعتمد البعض على ذاكرته بشكل كبير في ظن منه أن ذاكرته لا تخطيء، ولكن التجارب والدراسات أثبتت أنه لا يمكن الاعتماد على الذاكرة، حيث يمكن أن تكون كاذبة في الكثير من المواقف وتتغير بمرور الوقت واختلاف الظروف والآراء.

ما هي الذاكرة الكاذبة؟

الذاكرة الكاذبة (A false memory) هي مجموعة الذكريات التي تبدو على أنها حقيقية ولكن في الواقع ملفقة بشكل جزئي أو كلي في بعض الأحيان. وقد تكون هذه الذكريات بسيطة لا تشكل أي نوع من أنواع الأذى كتذكر وضع المفتاح على الطاولة على الرغم من عدم حصول ذلك. أو قد تكون مؤذية في الأمور القضائية والإجرامية فقد تسبب الذاكرة الكاذبة بالإدانات الظالمة.

اعرف المزيد: أسباب فقدان الذاكرة اللحظي

أسباب تكون الذاكرة الكاذبة

تلعب الكثير من العوامل في تكون الذاكرة الكاذبة لدى الشخص، ومن ضمن هذه العوامل:

الإيحاء

تسبب الإيحاءات التي يتعرض لها الشخص إلى تكوين الذاكرة الكاذبة لديه، والتي ما تلبث وأن تصبح أمراً لا يشك به مع مرور الوقت، ومن هذه الإيحاءات:

• المعلومات المضللة من قبل الآخرين.
• المواقف الحياتية المتعلقة بالذكريات.
• الأسئلة الإرشادية والتي تطرح على الشخص بطريقة توحي بإجابات توجيهية محددة. 

مرور الوقت

للوقت تأثير كبير على طريقة رؤيتنا للأمور، حيث يمكن لنظرتنا للأمور أن تتغير وتتمحور لتشتمل على أمور جديدة قد تصبح مع مرور الوقت حقيقة. وغالبًا ما يحدث الأمر بشكل كبير في حوادث الاعتداء الجنسي أو سوء المعاملة في الطفولة.

اضطراب الوسواس القهري

عندما يعاني الشخص من الوسواس القهري فهو غير قادر على الثقة بذاكرته بالشكل الصحيح. حيث أن الأفكار الوسواسية التي تحث على السلوكيات المتكررة تحفز الشخص للشك بذاكرته باستمرار.

ملء الذاكرة

في حال فقدان جزء من الذاكرة أو عدم امتلاك المعلومات الكاملة حول الموقف. فقد يقوم الدماغ بإكمال ما هو مفقود من ذاكرته بأحداث تخيلية.

المواقف الشخصية

لا يمكن اعتبار الذاكرة حيادية بشكل مطلق، حيث أن الآراء الشخصية والأفكار التي يمتلكها الشخص تؤثر مباشرة على الذكريات المتكونة.

قد يؤدي عدم القدرة على النوم أو الحرمان منه إلى تشويه الكثير من الذكريات وإضافة أحداث لم تحدث في الواقع

الحالة العاطفية

على الرغم من المتداول أن الحالة العاطفية السيئة من شأنها أن تجعل الشخص أكثر عرضة لتصديق المعلومات الخاطئة المتعلقة بالمواقف القديمة. فإن الدراسات أثبتت العكس تماماً، حيث أنه:

• في الحالة المزاجية الجيدة يميل الشخص إلى تصديق المعلومات المضللة عن المواقف السابقة.
• في الحالة المزاجية المتدنية مثل الاكتئاب أو القلق والتوتر فإن الشخص يبقى أكثر يقظة للتهديدات المحتملة وأقل تصديقاً لما يروى.

متلازمة الذاكرة الكاذبة

متلازمة الذاكرة الكاذبة أو خلق واقع حول ذاكرة غير صحيحة أو التخلص من الذكريات الزائفة هي عملية يمكن من خلالها ارجاع الأحداث إلى الخلف والتسلسل بالزمن لتكوين تفاصيل الموقف من جديد. حيث يلاحظ أنه:

• من خلال التنويم المغناطيسي أو التأمل الموجه يمكن للشخص الوصول إلى ذكرياته المتعلقة بهذا الموقف لإعادة توجيه الذاكرة.
• يتم عكس الأحداث، فكما أن الذكريات قد تصبح خاطئة مع مرور الوقت، فقد نسترجع الذكريات الصحيحة من خلال العودة بالوقت.
• غالباً ما يقوم الدماغ بتصديق الأحداث التي تتضمن على مشاهد بصرية بشكل كبير ولا يشك بها نهائياً.
• على الرغم من عدم القدرة على تحديد مدى صحة هذه الذكريات، ولكن الذكريات الصحيحة تحتوي على تفاصيل إدراكية غالباً.
•  

عوامل الخطر لامتلاك الذاكرة الخاطئة

لا توجد ذاكرة ثابتة أو قوية على وجه الإطلاق. فجميعنا يمتلك ذاكرة مرنة تتغير بتغير الأحداث من حولنا، ويُعد بعض الأشخاص أكثر عرضة من غيرهم في الأمر، ومن ضمنهم:

شهود الأعيان

لا يمكن الوثوق بهم بشكل قاطع، حيث أن النتيجة المترتبة على شهادتهم قد تكون كارثية للبعض. ففي كثير من الاحيان قد تتوجه أدمغتهم لملء المفقود من الذاكرة عند تواجدهم في موقع الجريمة.

الصدمات النفسية

من خلال صور الرنين المغناطيسي تبين أن:

• الأشخاص الذين تعرضوا لصدمات نفسية لديهم نشاط في أدمغتهم يشير إلى علامات انفصال.
• لا يستطيع هؤلاء الأشخاص دمج الأحداث المتعلقة بالموقف في حياته اليومية بشكل صحيح.

الإصابة بالوسواس القهري كفيل لإدخال الشخص في مجموعة من الأفكار من شأنها تكوين ذاكرة كاذبة متعلقة بموضوع الوسواس لديه.

التقدم بالعمر

من الطبيعي أن التقدم بالعمر يعمل على فقدان الكثير من تفاصيل الأحداث على الرغم من استمرار تذكر الحدث الأساسي. عندها تتداخل المعلومات الجديدة بالقديمة مكونة تفاصيل غير حقيقية.

نصيحة عرب ثيرابي