تعتبر جائحة كوفيد 19 اختباراً عملياً على مدى المرونة النفسية لدى سكان العالم، حيث أن العزلة الاجتماعية التي فرضتها الجائحة بالإضافة إلى الضغوطات الحياتية المتنوعة قامت بفرز الأشخاص بناءً على مدى قدرتهم على التحمل والتأقلم.
ما هي المرونة النفسية
المرونة النفسية (Psychological Flexibility) هي جانب أساسي من جوانب الصحة العقلية الجيدة، حيث تعكس المرونة النفسية قدرة الشخص على التعامل مع المواقف الحياتية الصعبة وقبولها والتكيف معها.(المرجع 1)
سمات المرونة النفسية
يتصف الشخص ذو المرونة النفسية ببعض السمات، منها:(المرجع 2)
- معرفة ما يجب التركيز عليه وما يجب تركه.
- تحديد السلوكيات غير الصحيحة أو غير المفيدة والعمل على تغييرها.
- اكتشاف الأفكار الخاطئة وتغيير منظورنا للأمور.
- الموازنة بين مختلف الجوانب الحياتية.
- المضي نحو الأهداف رغم وجود العوائق.
- التعامل مع التحديات والضغوطات دون التطرق إلى القيم.
إيجابيات المرونة النفسية
تعمل المرونة النفسية على حماية الأشخاص من المشاعر السلبية الناتجة عن المواقف الحياتية وتعزيز الصحة العقلية لديه، بالإضافة إلى:.(المرجع 1) (المرجع 2)
- تساعد في تقليل القلق.
- التعامل مع المواقف بطريقة أفضل.
- تكوين علاقات اجتماعية بشكل أكبر.
- وضع الخطط البديلة للمواقف، والتقليل من ردود الأفعال اللحظية.
- إدارة العواطف وتنظيمها والإحساس بثبات الحالة المزاجية.
- التعامل بشكل مرن مع الضغوطات.
التحسين ذاتي للمرونة النفسية
يعتبر الوعي الذاتي (Self Awareness) نقطة الأساس في للمرونة النفسية، حيث أن معرفة السلوكيات الذاتية الحالية وإدراك كيفية التعامل مع المحفزات، تمكن من القيام بالتغييرات اللازمة، ويكون ذلك من خلال العمليات التالية:(المرجع 2) (المرجع 3)
التواجد في اللحظة الحالية
فلا نجعل أنفسنا مسجونين في تجاربنا الماضية، بل الانتباه إلى الموقف الموجود حالياً واتخاذ القرارات اللازمة بناءً على المستجدات الحالية.
تقبل الأفكار لزيادة المرونة النفسية
قد تتواجد لدى الشخص بعض الأفكار وسلوكيات غير المرغوبة، فبدلاً من إضاعة الوقت والطاقة في التركيز على تغيير هذه الأفكار والسلوكيات، يمكن تقبلها والتركيز على السلوكيات الواجب القيام بها الآن.
التمسك بالقيم الواضحة
يجب المحافظة على القيم الواضحة وجعلها طويلة الأمد، فكلما زاد الصدق في القيم زاد الصدق مع الذات.
تجنب التشوه المعرفي
وهو الطريقة السيئة التي يصف بها الشخص لسوكياته ونظرته عن ذاته، والتي تعود دائما بالطاقة السلبية والإحباط على الشخص.
الفصل بين حقيقة الذات والتصورات عنها
حيث أن التصورات المبنية على تجارب ماضية تكون غالباً ليست انعكاساً لحقيقة الذات الحالية، وما هي إلا أفكار متواجدة في الدماغ.
اتخاذ إجراءات موافقة مع القيم
إن أي قرار متوافق مع القيمة الأساسية في الحياة لا يمكن أن يفشل مهما كانت التحديات والصعوبات التي يواجهها.
تعلم الإبداع لتحسين المرونة النفسية
يمكن تجربة تعلم الإبداع والعصف الذهني بشكل يومي للتوصل إلى طرق مختلفة وفورية في حل ما يواجه الشخص من صعوبات مستمرة في الحياة.
تغيير منظورنا للأمور
ويكون ذلك من خلال رؤية الأمور من جانب آخر، فرؤيتها من جانب واحد لا يعطي النظرة الشاملة، فتكون ردود الأفعال غير سوية.
موازنة الحياة
من خلال الاهتمام بجميع جوانب الحياة بشكل مستمر دون التقصير في جانب معين.
التحسين العلاجي للمرونة النفسية
تقدم الكثير من أساليب العلاج النفسي الدعم والمساعدة في زيادة هذه المرونة لدى الأشخاص، حيث يمكن للمعالج النفسي اتباع واحدة من الأساليب التالية خلال جلساته العلاجية:
علاج القبول والالتزام (ACT)
يهدف هذا العلاج بشكل أساسي إلى زيادة المرونة النفسية من خلال قبول الأمور التي لا يمكن تغييرها، تعلم المهارات التي من شأنها تحسين الحالة المزاجية والحياتية للفرد.
العلاج السلوكي الجدلي (DBT)
يركز هذا العلاج على العيش في الحاضر والتجارب الماضية، وتعلم إدارة العواطف والأحاسيس والتحكم بردود الأفعال والسلوكيات، ويهدف إلى الشعور بالرضا عن الذات.
العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
يمكن هذا العلاج الشخص من معرفة طريقة تفكيره والأسباب الكامنة ورائها، والعمل على تغيير السلبي منها قبل أن تنعكس على السلوكيات.
العلاج السلوكي المعرفي القائم على اليقظة (MBCT)
على الرغم من معرفة الأفكار، يركز العلاج على تقبلها ووالاستمرار في الحياة دون تغييرها أو القيام بتعديلها.
قياس المرونة النفسية
يمكن قياس مدى المرونة النفسية بعدة طرق، إلا أن استبيان القبول والعمل (AAQ2) يبقى الأشهر، ويضم الاستبيان 7 أسئلة يتم الإجابة عليها من خلال مقياس من 7 فئات، ومن ثم تجمع النقاط، مع ملاحظة:(المرجع 3)
- أن الحصول على الدرجة العالية في الاستبيان يدل على مستوى أقل من المرونة.
- تكرار الاستبيان مع مرور الوقت لملاحظة التغير على مستوى المرونة النفسية للشخص نفسه.
- عدم مقارنة النتائج بين الأشخاص.
- تعكس النتائج مدى التطور الحاصل للمرونة النفسية على المستوى الفردي وليس الجماعي.