ما ستجده في هذا المقال:
في أعماق كل عائلة، تكمن قصة صراع خفي بين الأخوة. الغيرة بين الأشقاء، هذا الشعور الإنساني الطبيعي، يتحول أحياناً إلى ساحة حرب صغيرة بين الأخوة والأخوات. في هذا المقال نغوص في أعماق هذه المشكلة ونحاول فهم أسبابها وأفضل الطرق التعامل معها، لزيادة شعور الأبناء بالعافية النفسية.
ما هي أسباب الغيرة بين الأشقاء؟
هناك الكثير من العوامل التي تلعب دوراً أساسياً في كيفية تعامل الأشقاء معاً ومدى تكيفهم مع بعضهم البعض، الأمر الذي يؤدي في أوقات كثيرة إلى نشوب الغيرة (Jealousy) بينهم. ومن هذه العوامل:
العوامل المتعلقة بالعمر
اعتماداً على العمر، هناك بعض العوامل والأسباب التي قد تؤدي إلى شعور الطفل بالغيرة من أخوته ويؤدي إلى صراع حقيقي بينهم. ومن هذه الأسباب:
- الأطفال قبل دخول المدرسة: لا يتقن الطفل في عمر ما قبل المهارات الاجتماعية. لذلك فإن محاولة حمايته لألعابه عادة ما تكون بطرق عدوانية بدلاً من أن يكون حازماً.
- الأطفال في السنوات الدراسية الأولى: يشعر الأطفال في المرحلة الابتدائية بالاستياء (Resentment) أو الشعور بالحزن عندما يرون أن أحد إخوتهم الأصغر يحظى بمعاملة تفضيلية، مما يؤثر على شعورهم بالإنصاف.
- مرحلة المراهقة: قد يشعر المراهقون بالاستياء والضيق عندما يطلب منهم التضحية بوقتهم واهتماماتهم لرعاية إخوتهم الصغار.
يلعب عامل العمر دوراً أساسياً في حدوث الغيرة بين الأشقاء. فكلما كان عمر الأطفال أقرب، كلما زادت احتمالية غيرتهم من بعضهم البعض.
عوامل أخرى
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتسبب بالغيرة بين الأشقاء عوامل أخرى، مثل:
- الاختلافات الفردية: تؤثر الاختلافات في الشخصية والقدرة على التأقلم بشكل كبير على العلاقة بين الأشقاء. فمثلاً، قد يجد الشقيق الهادئ صعوبة في التعامل مع حيوية الشقيق المنفتح والعكس صحيح. مما يقلل من مدى التفاهم بينهما ويتسبب في نشوب الغيرة والتحدي والغضب في هذه الأثناء.
- الحالات الخاصة: قد يشعر الأشقاء بالغيرة والحسد عندما يلاحظون أن أحد أفراد العائلة يحصل على اهتمام أكبر بسبب احتياجاته الخاصة أو مرضه المزمن.
- علاقة الوالدين: تؤثر العلاقة بين الوالدين بشكل مباشر على العلاقات بين الأشقاء. حيث أن وجود مشاكل أسرية قد يزيد من حدة الغيرة والتنافس بينهم.
- أسلوب التربية: أظهرت الدراسات أن أساليب التربية المتطرفة، سواء كانت سيطرة زائدة أو إهمال، تشجع على زيادة التنافس بين الأشقاء. مقارنة بأساليب التربية المتوازنة التي تشجع على الحوار وحل المشكلات.
- الثقافة البيئية: قد تؤدي الممارسات الثقافية التي تفضل جنسًا على آخر إلى زيادة التنافس والشعور بالاستياء بين الأشقاء، مما يؤثر سلبًا على العلاقات الأسرية.
قد تنشأ الغيرة بين الأشقاء بسبب بعض السلوكيات الأبوية مثل تفضيل طفل على آخر بشكل علني أو المقارنة بين الأطفال.
ما هي تأثيرات الغيرة على العلاقات الأسرية؟
الغيرة الشديد بين الأشقاء ليس مجرد ظاهرة طفولية عابرة، بل يمكن أن تؤثر سلباً على الصحة النفسية للشخص وتترك بصمات عميقة على حياته وشخصيته فيما بعد. وقد تشتمل هذه التأثيرات على:
الهوية الشخصية
تترك الغيرة بين الأشقاء بصمة عميقة على هوية الشخص. فمن ناحية، قد يؤدي الشعور الدائم بالتنافس إلى انخفاض الثقة بالنفس والشعور بعدم الكفاءة والاحتقار لنفسه في بعض الأحيان. بينما قد تدفع البعض إلى الشعور بالكمال والاعتماد المفرط على إعجاب الآخرين.
انعكاسات سلبية على العلاقات الأخرى
قد يجد الأشخاص الذين نشأوا في بيئة تنافسية صعوبة في بناء علاقات صحية في مرحلة البلوغ. فالتنافس المستمر والغيرة التي تعلموها في الطفولة قد تجعل من الصعب عليهم الثقة بالآخرين والتعاون معهم، وقد تؤدي إلى صعوبات في بناء صداقات قوية وناجحة.
التجارب المؤلمة المرتبطة بالغيرة والصراع قد تترك ندوبًا نفسية تؤثر على العلاقات والرفاهية العامة في مرحلة البلوغ.
ما هي الاستراتيجيات الفعالة للتغلب على الغيرة بين الأشقاء؟
قد تبدو مشاجرات الأطفال لا تنتهي، ولكن هناك طرق بسيطة لتغيير هذه الديناميكية. من خلال إدخال بعض التغييرات على الروتين اليومي، يمكن خلق بيئة تتصف بالاندماج وزيادة العلاقات الأخوية بشكل أكبر. لذلك يجب التركيز على ما يلي:
إنشاء بيئة تعاونية
للتقليل من الشعور بالقهر أو توليد بعض العواطف غير الإيجابية بين الأشقاء، يجب أن تتحلى البيئة الأسرية بما يلي:
- قضاء المزيد من الوقت الممتع مع الأطفال جميعهم، مع الانتباه إلى مشاركتهم هواياتهم واهتماماتهم بغض النظر عن ماهيتها. مع ضرورة عدم المقارنة بينهم أو تفضيل أحدهم على الآخر، بل محاولة التركيز على على بناء علاقات قوية بينهم.
- تعليم الأطفال كيف تكون العلاقات الصحية من خلال التفاعل مع الشريك بطريقة محترمة ولطيفة. مما يساعد في تعلم كيفية التعامل مع المشاكل بطريقة بناءة.
تعامل مع الأطفال بشكل عادل
إن معاملة الأبناء بعدل لا تعني معاملتهم على حد سواء. يجب أن نفهم احتياجات كل طفل على حدة ونعامله وفقاً لها. فمثلاً بدلاً من إعطاء كل طفل نفس الهدية، من الأفضل أن نختار هدايا تناسب اهتمامات كل منهم.
عدم تحميل مسؤوليات الشجار لأحد الأطفال
بدلاً من البحث عن المذنب، يجب فهم الأسباب الكامنة وراء الشجار، من خلال الجلوس مع الأطفال والتحدث معهم عن المشاعر في هذه الأثناء وتعليمهم كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف بشكل أفضل في المستقبل.
ويمكن الاستفادة من هذه الأسئلة عند التحدث معهم في وقت الشجار:
- ماذا كنت تشعر عندما حدث ذلك؟
- كيف جعلك هذا الصراع تشعر؟
- ما هو الشيء الذي تتمنى أن يفعله شقيقك بشكل مختلف؟
هل يمكن للغيرة بين الأشقاء أن تؤثر على الصحة النفسية لكل منهم؟
على الرغم من الانسجام الأسري، يمكن للتنافس الشديد بين الأشقاء (Sibling rivalry) أن يترك آثاراً سلبية عميقة على نمو الطفل. فبدلاً من أن يكون وسيلة لتعلم المهارات الاجتماعية مثل التفاوض والتسوية والتعاطف، قد يؤدي إلى شعور الطفل بالغيرة والحسد وعدم الأمان.
فقد يواجه الطفل الذي يتعرض للمقارنة المستمرة صعوبة في قبول نفسه، فيشعر بعدم الكفاءة وانخفاض الثقة بالنفس. بينما قد يصبح الشقيق المسيطر أكثر أنانية وعدوانية.
هل يمكن تجنب الغيرة بين الأشقاء؟
من خلال بعض الاستراتيجيات الاستباقية التي يمكن للوالدين القيام بها أن يمنعان حدوث غيرة بين الأشقاء في المنزل. ومن بين هذه الاستراتيجيات:
- التركيز على نقاط القوة والتميز التي يتمتع بها كل طفل في الحياة اليومية، مما يقلل من الشعور بالتفوق بينهم.
- منح كل فرد حقه الكامل من الاهتمام والعطف، وبالتالي الحد من شعور الطفل بالظلم أو الإهمال العاطفي.
- ممارسة الأنشطة والتجارب الجديدة والمثيرة معاً كعائلة.
يمكن لإطلاق بعض التسميات على الأطفال مثل “الطفل العنيد” أن يزيد من الغيرة بين الأشقاء. بدلاً من ذلك يفضل وصف سلوك الطفل غير المرغوب به دون ربطه بالطفل.
كلمة من عرب ثيرابي
اكتشفوا السلام النفسي والتوازن العائلي مع عرب ثيرابي، حيث تلتقي الرعاية النفسية بالخبرة العربية. انضموا إلينا اليوم واستفيدوا من خدماتنا المميزة التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الأسرية والتغلب على التحديات النفسية بثقة ورعاية. دعونا نساعدكم على بناء حياة أكثر سلاماً وسعادة، لأنكم تستحقون الأفضل.