ما ستجده في هذا المقال:
بعد التعرض للمواقف الصعبة أو المؤلمة نفسياً، قد يصاب الشخص بفقدان لذاكرته كآلية ذاتية للتكيف والتعامل مع المشاعر السلبية التي تنتابه. لكن هذا النسيان للمعلومات الأساسية في الحياة الشخصية غالباً ما يكون له تأثيرات غير مرغوبة ويستدعي تلقي علاج مناسب للتخلص منه.
تعرف على الخيارات العلاجية التي تهدف إلى استرجاع الذكريات المفقودة واستعادة الحياة اليومية على سابق عهدها.
ما هو فقدان الذاكرة الانفصالي؟
عند الإصابة بصدمة نفسية ناتجة عن التعرض لحدث صادم أو مشاهدته بشكل مباشر فإن الشخص يصاب بحالة تسمى فقدان الذاكرة الانفصالي. وهي حالة تسبب له نسيان المعلومات المهمة عن حياته، الأمر الذي يحتاج إلى علاج للتمكن من استعادة الحياة الشخصية من جديد.
وعادة ما تشمل حالة فقدان الذاكرة هذه عدم القدرة على تذكر معلومات حول أحداث معينة أو معلومات شخصية مثل جوانب الهوية الذاتية. وقد تستمر حالة النسيان هذه لمدة دقائق أو ساعات أو أشهر أو سنوات في بعض الحالات النادرة.
فقدان الذاكرة الانفصالي هو حالة نادرة نسبياً. حيث تشير الدراسات أنها تؤثر فقط على حوالي 1% من الرجال و2.6% من النساء.
علاج النسيان الانفصالي
يهدف علاج فقدان الذاكرة الانفصالي إلى مساعدة الشخص على استعادة ذاكرته والتوقف عن نسيان ما يلزمه من المعلومات. وفي الوقت ذاته يحتاج إلى مساعدته على التعامل مع الآثار السلبية الناتجة عن الموقف الصادم المسبب لفقدان الذاكرة.
واعتماداً على طبيعة الأعراض وشدتها ووجود حالات متزامنة، ومن خلال الحصول على العلاج المناسب، من المحتمل أن تعود استرجاع الذاكرة من تلقاء نفسها.
وقد تشتمل الخطة العلاجية على:
العلاج النفسي
للتوقف عن النسيان واستعادة الذاكرة، غالباً ما يستخدم أنواع مختلفة من العلاج النفسي. ومن أكثر هذه الأساليب شيوعاً:
- العلاج المعرفي السلوكي (CBT):
وهو علاج يركز على تغيير أنماط التفكير والسلوكيات السلبية الناتجة عن التعرض للصدمة. واستبدالها بأخرى أكثر فائدة.
- العلاج النفسي الديناميكي:
يركز هذا العلاج على اكتشاف السلوكيات والأفكار التلقائية والتي يبديها الشخص دون وعي منه. والتي غالباً ما تساهم في ظهور الأعراض والشعور بالضيق المتزايد.
- جلسات العلاج الأسري:
يعتمد هذا العلاج على دور أفراد العائلة في عملية العلاج. ويتم فيه تعليم الأشخاص المحيطين بالمريض كيفية التعرف على أعراض الحالة وأفضل الطرق لمساعدته في التعامل معها.
من خلال الفن أو الموسيقى، يستطيع المريض اكتشاف مشاعره الصعبة في بيئة توفر له الشعور بالأمان والراحة ولا تعرضه للمخاطر.
- التنويم المغناطيسي:
بواسطة التنويم المغناطيسي يستطيع المعالج الوصول إلى مكنونات المريض غير المدرك لها. ومن ثم العمل على توجيهه بشكل إيجابي للتعامل مع مشاعره المعقدة بطرق فعّالة.
- العلاج الجدلي السلوكي (DBT):
يهدف هذا العلاج إلى تعليم المريض مهارات التأقلم لتنظيم المشاعر المرتبطة بالموقف الصادم أو المجهد الذي يؤدي إلى نسيانه للأمور الأساسية في حياته. كما يقوم العلاج الجدلي السلوكي أيضاً بتعليم المريض تقنيات الوعي الذهني الذاتي لاستخدامها في إدارة الأعراض.
- علاج ازالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة (EMDR):
يستخدم هذا العلاج للتخفيف من الشعور بالضيق المرتبط بالذكريات المجهدة أو المؤلمة. ويعتمد هذا العلاج على دمج تقنيات العلاج السلوكي المعرفي وإعادة تعلم أنماط التفكير. ويتم تطبيقه من خلال استخدام التمارين التي تركز على التحفيز البصري للوصول إلى الذكريات السلبية ومن ثم استبدال المعتقدات غير المرغوبة بمعتقدات إيجابية.
العلاج الدوائي
على الرغم من عدم وجود دواء يساعد على علاج النسيان المرتبط بالصدمة النفسية، إلا أنه في بعض الحالات قد يقوم الطبيب بوصف بعض الأدوية للتعامل مع الأعراض الأخرى المرافقة للحالة.
فمثلاً، قد يحتاج المريض إلى أدوية مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق للسيطرة على أعراض والتي تشتمل على أعراض الاكتئاب والقلق واضطرابات النوم.
متى يجب زيارة الطبيب؟
إن كنت قد تعرضت لموقف مؤلم نفسياً وتلاحظ نسيانك للكثير من المعلومات أو الأمور المهمة في حياتك. فقد يكون الوقت قد حان للتحدث مع أحد الأخصائيين للتعرف أكثر على حالتك وكيفية التعامل معها. حيث غالباً ما يبدأ في تنفيذ الخطة العلاجية مع التأكيد على ضرورة المراجعة وتلقي الجلسات العلاجية.
بالإضافة إلى ذلك، تكون زيارة الطبيب أمراً في غاية الأهمية في حال ملاحظة:
- تغير في الأعراض خاصة إن كانت هذه التغيرات تؤثر على الحياة اليومية والروتين. مثل رؤية كوابيس أكثر حدة تؤثر على نمط النوم، أو استرجاع ذكريات الماضي التي تؤثر على العمل أو الأنشطة الأخرى.
- حدوث تغيرات مزاجية بحيث تؤثر على نمط الحياة اليومية. مثل الشعور بمزيد من القلق أو الاكتئاب أو الانفعال والارتباك.
- تغير فعالية العلاج، أو عدم ملاحظة أي تحسن في الأعراض على الرغم من تلقي العلاج المناسب.
في حين أن بعض فقدان الذاكرة قد يكون مؤقتاً ويساعد في التعامل مع الصدمات. إلا أن إصابات الدماغ الشديدة أو الصدمات النفسية المؤلمة يمكن أن تؤدي إلى فقدان الذاكرة الدائم.
أعراض فقدان الذاكرة والنسيان بسبب الصدمة النفسية
العرض الأساسي هنا عدم القدرة على تذكر المعلومات الشخصية المهمة. حيث يجد الشخص في هذه الحالة نفسه غير قادر على استرجاع المعلومات المتعلقة بالحدث أو بفترة معينة من حياته أو المعلومات المهمة حول هويته الذاتية.
ولأن هذا الشخص مدركاً لما يعانيه من فقدان لذاكرته، فغالباً ما يبدو مرتبكاً وانفعالي بشكل مفرط. بالإضافة إلى ذلك، يمكن ملاحظة الأعراض التالية:
- عدم القدرة على تذكر معلومات مهمة عن النفس مثل الاسم ومكان الإقامة والعمل.
- الشعور بالانفصال عن النفس والعواطف والأشخاص المحيطين به.
- اختلال الأداء اليومي نتيجة لفقدان الذاكرة.
- نسيان فترات معينة في الحياة الشخصية.
- الشعور بالحزن الشديد أو الضعف بسبب فقدان الذاكرة.
- اللجوء إلى المخدرات للتعامل مع المشاعر السلبية.
في بعض الحالات، قد يرتبط فقدان الذاكرة الانفصالي بحالات نفسية أخرى، مثل اضطرابات القلق أو الاكتئاب أو اضطرابات النوم أو التفكير الانتحاري.
كلمة من عرب ثيرابي
غالباً ما يكون فقدان الذاكرة المرتبط بالحوادث الجسدية أو المصاحب للأمراض دائماً أو متطوراً. إلا أنه هذا النوع من النسيان وفقدان الذاكرة له أشكال متنوعة. فعلى الرغم من احتمالية عودة الذكريات المفقودة بشكل تلقائي أو أثناء علاج الحالة، فقد لا تعود نهائياً في بعض الحالات.
لذلك، يرى الأخصائيون النفسيون في عرب ثيرابي أن الدعم النفسي وتواجد الأصدقاء والأشخاص المحبين حول الشخص المريض يعد أمراً مهماً وأساسياً لمساعدته وتقديم المساعدة اللازمة.