المرونة العصبية

المرونة العصبية: ما هي وكيف تعزز؟

على عكس الاعتقادات الشائعة منذ القدم، فإن للدماغ القدرة على التجدد والنمو والتغير من خلال المرونة العصبية، وعلى الرغم من أنها من الأمور الحياتية، إلا أنه يمكن تعزيز هذه المرونة وتقوية القدرات العقلية من خلال ممارسات يومية.

ما هي المرونة العصبية؟

المرونة العصبية (neuroplasticity) هي قدرة الدماغ على التغير والتكيف بناءً على التجربة، وهي عملية مستمرة منذ تكون الدماغ إلى موت الشخص، بحيث يتمكن الدماغ من تغير الشبكات العصبية وإعادة تنظيمها ونموها سواء كان بسبب تلف في الدماغ أو بسبب التعلم واكتساب الخبرات أو بسبب التغيرات المحيطة، وتمكّن المرونة العصبية الدماغ من:(المرجع 1) (المرجع 2)

  • إعادة تنظيم المسارات العصبية.
  • إنشاء روابط ومسارات جديدة.
  • تكوين خلايا عصبية جديدة.

أنواع المرونة العصبية

يوجد نوعان أساسيان من المرونة العصبية يمكن ملاحظتهما، هما:

المرونة الوظيفية

وهي قدرة الدماغ على إحداث تغيرات هيكلية دائمة في المشابك العصبية، حيث أنها:(المرجع 1) (المرجع 3)

  • غالباً ما تحدث نتيجة التعلم أو التطور.
  • تحدث في معظم الأحيان منذ الطفولة المبكرة إلى منتصف العشرينات من عمر الشخص.
  • تعمل أيضاً على نقل الوظائف الخاصة بمنطقة دماغية متضررة إلى أخرى لم تتضرر.

المرونة البنائية

هي قدرة الدماغ على تغير في البنية الفيزيائية والروابط بين الخلايا العصبية، نتيجة أحداث معينة مثل التعلم.(المرجع 1)

المرونة العصبية وعلم النفس

يمكن النظر إلى المرونة العصبية على أنها أسلوب للعلاج النفسي، حيث أنه من خلال هذه المرونة يمكن للشخص اكتشاف مواضع التوتر والقلق في نفسه والتغلب على المواقف الصادمة السابقة والتقليل من سلوكيات التجنب من خلال بعض نشاطات التعلم اليومية التي تضمن إجراء تغيرات كبيرة في بنية الدماغ ووظائفه، للسير بشكل متوازي مع الأدوية والعلاج النفسي.(المرجع 2)

فوائد المرونة العصبية

لا بد من تعزيز المرونة العصبية لدى الشخص، حيث أنها تفيد على مستوى الإدراك وفهم العالم المحيط به، كما أنها تساعد في:

تعلم أمور جديدة

من خلال تكرار الأمر المراد تعلمه واستعادة الذكريات المتولدة من خبرات سابقة يتمكن الدماغ من تكوين روابط عصبية جديدة، مما يساهم في تطور مهارات جديدة.(المرجع 3)

يساعد في علاج الاكتئاب

أظهرت الدراسات أن الشخص المصاب بالاكتئاب لديه مرونة عصبية منخفضة والتي تولد الأنماط الفكرية السلبية، لذلك يمكن يمكن رفع هذه المرونة من خلال الأدوية المضادة للاكتئاب، بالإضافة إلى القيام ببعض التغيرات السلوكية في النمط اليومي، مثل:(المرجع 3) (المرجع 4)

  • ممارسة التمارين الرياضية.
  • اتباع نظام غذائي صحي.
  • الحصول على القدر اللازم من النوم.

تحسين الوظائف العقلية

تساعد المرونة العصبية الشخص على القيام بالمهام أو الأعمال التفكيرية بشكل أفضل فهو يعزز القوة العقلية والتركيز، بالإضافة إلى الحماية من فقدان الخلايا العصبية مع مرور الوقت.(المرجع 3)

التعافي من السكتات الدماغية

بعد التعرض للإصابات الدماغية، يمكن للدماغ استعادة وظائفه الأساسية وتكوين المزيد من الخلايا العصبية من خلال ممارسة بعض الأنشطة الذهنية.(المرجع 3) (المرجع 5)

زيادة حجم الدماغ والذاكرة

من خلال تكوين المزيد من الخلايا العصبية يمكن لحجم الدماغ أن يزيد وبالتالي تعزيز القدرات العقلية للشخص مثل الذاكرة والتعلم.(المرجع 3)

أساسيات المرونة العصبية

لاعتبار الأمر من الأمور المنشطة للمرونة العصبية لكي يستفيد الدماغ منها لا بد من امتلاكه بعض الخصائص، مثل:(المرجع 5)

  • التحفيز: وذلك بالتواجد في البيئات المحفزة بغض النظر عن مضمونها، حيث أن ما هو محفز لشخص قد لا يحفز الآخر.
  • الخروج عن الروتين: الدماغ بحاجة إلى النشاطات الجديدة بشكل مستمر، حيث أن ممارسة الأمور ذاتها يومياً تجعله في حالة ركود.
  • الأنماط الصحية: للتمتع بالمرونة العصبية يجب توفير الظروف الصحية والمتوازنة للدماغ، من خلال التغذية الصحية وممارسة الرياضة والنوم الكافي.

كيفية تعزيز المرونة العصبية

على الرغم من أن المرونة العصبية أمر تلقائي إلا أنه يمكن تنشيط هذه العملية وتحفيزها من خلال ممارسة بعض النشاطات بشكل منفرد، مثل:

الألعاب الإلكترونية

على الرغم من المخاطر الكبيرة للألعاب الإلكترونية، إلا أنها أيضاً تعود بالفائدة على الدماغ من نواحي أخرى حيث أن المهارات الجديدة التي يتعلمها الشخص خلال اللعب يمكنها أن:(المرجع 4)

  • تعلم كيفية التعافي من الانتكاسات الحياتية المرتبطة بالضغوط والمشكلات، حيث يكون الدماغ قد تعلم ذلك من خلال الفشل أثناء اللعب.
  • تعزيز التفكير الإبداعي والقدرة على حل المشكلات بكفاءة أكبر خلال إيجاد الحلول المتنوعة للمهام الموكلة في الألعاب.

تعلم مهارات الجديدة

أثبتت العديد من الدراسات أن تعلم مهارات جديدة في أي مرحلة من مراحل الحياة يعمل على تعزيز المادة البيضاء في الدماغ، ما يعني تحسين التواصل بين أجزاء الدماغ المختلفة وزيادة المرونة العصبية بالتالي يمكن تعلم:(المرجع 4) (المرجع 5)

  • استخدام اليد الأخرى بإتقان في النشاطات الحياتية.
  • لغة جديدة كلياً.
  • العزف على آلة موسيقية.
  • المهارات اليدوية مثل الرسم أو التطريز.
  • برمجة البرامج الكمبيوترية.
  • حل الألغاز.

الاستماع إلى الموسيقى

يساعد الاستماع إلى الموسيقى (خاصة إذا اجتماع مع ممارسات أخرى مثل الرقص أو الفن أو التمارين الرياضية) في تحسين المرونة الدماغية من خلال:(المرجع 4)

  • منع التدهور المعرفي.
  • تحسين التنسيق الحركي.
  • تحفيز الذاكرة.

السفر

يمكن للشخص من خلال السفر التعرف على الثقافات المختلفة وزيادة الإدراك المعرفي وتعزيز الإبداع والحصول على منظور أوسع للعالم.(المرجع 4)

ممارسة التمارين الرياضية

تلعب التمارين الرياضية الدور الأساسي في تدفق المزيد من الدماء إلى الدماغ، الأمر الذي يساعد في نمو المزيد من الخلايا العصبية بالإضافة إلى حصول الخلايا الموجودة على الأوكسجين اللازم، وبالتالي تعزيز المرونة العصبية في الدماغ.(المرجع 4) (المرجع 5)

الأعمال الفنية

بالإضافة إلى التمكن من التعبير عن الذات، تساعد الأعمال الفنية في تكوين مسارات عصبية جديدة وتعزيز المسارات الموجودة مما يؤدي إلى تحسين الوظيفة الإدراكية للدماغ.(المرجع 4)

ممارسة التأمل

أثبتت الدراسات أن ممارسة التأمل يساعد في تعزيز المرونة العصبية عند المواظبة بشكل مستمر وطويل الأمد، خاصة عند تطبيق اليقظة الذهنية التي تجعل الشخص أكثر تركيزاً وانتباهاً.(المرجع 5)

النوم الكافي

في كثير من الأحيان (خاصة عند عدم الحصول على القدر الكافي من النوم بشكل مستمر) يكفي الحصول على ما لا يقل عن 7 ساعات من النوم الهادئ لإعادة المرونة للدماغ.(المرجع 6)

الصوم المتقطع

عند الخضوع لبرنامج الصوم المتقطع تقل الخلايا الدهنية، وبالتالي يتمكن الدماغ من انتاج المزيد من الخلايا العصبية من جديد.(المرجع 6)