تُعدّ العافية النفسية من الأمور المهمة لتحسين قدرة الشخص للشعور بالحياة اليومية بشكل أفضل، بالإضافة إلى الوصول إلى الكثير من الأهداف المرجوة، لكن كيف يمكن للشخص تحقيق أعلى مستويات من العافية النفسية وما هي الأساليب المتبعة في ذلك؟
ما هي العافية النفسية؟
تعرف العافية النفسية أو الرفاهية النفسية (Psychological Well-Being) على أنها شعور الشخص بالإيجابية تجاه نفسه، بحيث يشعر بالرضا الذاتي بشأن حياته الخاصة وطريقة رؤيته لها وتعامله مع المواقف المختلفة، بالإضافة إلى التفاؤل المستقبلي بالأيام القادمة.(المرجع 1)
الفرق بين العافية النفسية والصحة العقلية
على الرغم من الخلط الكبير بين العافية النفسية والصحة العقلية، إلا أنهما غير متشابهين، بل تُعد الصحة العقلية ركيزة من ركائز التمتع بالعافية النفسية، ففي حال عدم التمتع بها فإن الشخص لا تكتمل لديه العافية النفسية بالشكل المرجو.(المرجع 1)
مكونات العافية النفسية
تتكون هذه العافية من مكونين اثنين يرتبطان مع بعضهما بشكل وثيق، فلا تتحقق هذه العافية دون توفر كلا المكونين، وهما:(المرجع 2)
- المشاعر الإيجابية: ويطلق عليها الرفاهية الذاتية، بحيث تتواجد جميع الأسباب التي يمكن أن تشعر الشخص بالمزيد من السعادة.
- الشعور بالرضا: وذلك من خلال الشعور بأن ما يقوم به الشخص في حياته اليومية ذو فائدة أو قيمة، مما يعطي لحياته معنى.
مستويات العافية النفسية
يوجد للعافية النفسية مستويين رئيسيين، يندرج تحت كل منهما بعض السمات التي تميزهما، وهذه الأنواع هي:
اللذة Hedonic
للوصول إلى اللذة المتعلقة بالعافية النفسية، لا بد أن يجتمع المكونات الأساسية السابقة الذكر لهذه العافية، وهي المشاعر الإيجابية والشعور بالرضا.(المرجع 2)
الرخاء Eudaimonic
أما هذا النوع من العافية فهو يحتاج إلى المزيد من السمات للتمكن من الوصول إليه، ومن هذه السمات:(المرجع 2) (المرجع 4)
- القبول الذاتي Self-Acceptance: وهي تعكس مدى رضا الشخص عن صفاته الشخصية وما تم الوصول إليه في حياته اليومية.
- الإتقان البيئي Environmental Mastery: وهي قدرة الشخص على الإستفادة من الفرص المتاحة، والتفاعل مع الأنشطة المحيطة به، بالإضافة إلى التأقلم مع العوامل الخارجية.
- العلاقات الإيجابية مع الآخرين Positive Relations: بحيث يكون التواصل معهم يضمن التعاطف والحميمية والمودة، لا يكون التواصل فقط للتقليل من الملل والتسلية.
- التطور الشخصي Personal Growth: سواء كان ذلك على الصعيد النفسي أو المهني والحياتي، والمشاركة في التجارب الحياتية الجديدة بانتظام.
- الهدف من الحياة Purpose in Life: لا يمكن السير عبر الحياة دون تحديد الأهداف الشخصية للفرد، حيث أن السعي لتحقيقها يزيد من الرخاء.
- الشعور بالاستقلالية Autonomy: كلما زاد شعور الشخص باستقلاليته وعدم تبعيته في آرائه وسلوكياته للآخرين، كلما زاد شعوره بالعافية النفسية.
أهمية العافية النفسية
تؤثر العافية أو الرفاهية على حياة الشخص اليومية بشكل مباشر، حيث أن التمتع بمستويات عالية من العافية النفسية تضمن للشخص أن يكون نسخة أفضل من نفسه، وبالتالي يعود عليه الأمر بالفوائد المتنوعة، منها:(المرجع 3) (المرجع 4)
- التعامل بشكل أفضل مع الضغوط والمشكلات الحياتية.
- التمكن من تحقيق الأهداف الشخصية.
- فوائد الصحة الجسدية، حيث أنها تقلل من الكثير من الأمراض الخطيرة، مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية.
- تحسين أنماط النوم، والتقليل من الاضطرابات المتعلقة بها.
- زيادة الإنتاجية في الحياة العملية.
- التمكن من تكوين المزيد من العلاقات الاجتماعية الصحية.
- زيادة المرونة النفسية لدى الشخص.
- إحتمالية زيادة عمر الشخص، حيث أثبتت الدراسات أن الشعور بالرضا والسعادة يزيد من عمر الشخص بما يعادل 7 سنوات ونصف.
- انعكاس الإيجابية بالمشاعر على الأشخاص المحيطين، وكما يقال فإن السعادة تعدي.
- التقليل من التدهور العقلي مع التقدم بالعمر.
- رفع المناعة الجسدية للشخص.
ما هي أنواع العافية النفسية؟
بما أن هذه العافية تؤثر على الجوانب الحياتية المتنوعة، فإنها تنقسم إلى عدة أقسام بناءً على الجوانب التي ترتبط بها، وهذه الأقسام هي:(المرجع 4) (المرجع 5)
العافية المجتمعية
تتحقق من خلال القيام بالأعمال التي تزيد من الشعور بالانتماء للمجتمع والمساهمة به، بالإضافة إلى:
- التقليل من الشعور بالوحدة.
- الحصول على شبكة دعم يمكن اللجوء إليها عند الحاجة.
العافية العاطفية
وهي تُمكّن الشخص من الشعور بالمزيد من المشاعر الإيجابية، مما يزيد من قدرته في:
- تمارين الاسترخاء.
- إدارة التوتر.
- القدرة على الصمود مع التحديات الحياتية.
- تعزيز التعاطف مع الذات.
العافية الصحية
وتعتمد على مدى قدرة الجسم على القيام بالتمارين الرياضية أو الممارسات الصحية اليومية بشكل عام.
العافية الروحية
وتتمثل بارتباط الشخص بالمعتقدات الدينية أو الروحية، مما تحفزه للعيش بسلام أكبر، وبالتالي الشعور بالتعالي النفسي والوصول إلى الأهداف.
كيف يمكن زيادة العافية النفسية؟
للحصول على الفوائد السابقة الناتجة عن العافية النفسية، لا بد أن يسعى الشخص لذلك من خلال تطبيق أو ممارسة بعض الأنشطة التي تزيد من هذه العافية والرفاهية لديه، ومن هذه الممارسات:
تحديد الأهداف
لشعور الشخص بذاته وتحقيق الإنجازات، لا بد أن يكون له بعض الأهداف سواء كانت طويلة الأجل أو قصيرة، أم كانت أهداف شخصية أو مجتمعية.(المرجع 6) (المرجع 7)
التفكير الإيجابي
يرتبط التفكير الإيجابي مع الرفاهية (العافية) النفسية بشكل طردي ومتبادل، ولزيادة القدرة على التفكير الإيجابي يمكن للشخص اتباع بعض التمارين، مثل:(المرجع 6) (المرجع 7)
- كتابة التخيلات المستقبلية للأحداث الجميلة المتوقعة أو المواقفة المرجوة.
- وضع خطة لتحقيق الأهداف، بحيث تبدأ بخطوات بسيطة يمكن التقدم بها بسهولة وتحقيقها دون الشعور بثقلها.
- تذكر المواقف الجميلة الماضية، خاصة عند المرور باللحظات المحبطة، فقد تساعد الشخص في الإصرار على تجاوز الموقف الآني.
- مساعدة الآخرين أو القيام بالأعمال التطوعية، مما يحفز إفراز هرمون الحب المسؤول على الشعور بالرضا.
- زيادة اليقظة والشعور باللحظة الحالية، لما له من الكثير من الفوائد الصحية والنفسية.
- التعبير عن الامتنان للأشخاص المرتبط بهم، على اختلاف الطريقة التي يمكن فيها القيام بذلك، فهي تساعد الشخص على الشعور بالأشياء الجميلة التي تمتلئ بها حياته.
تعزيز العلاقات الاجتماعية
على الرغم من إحاطة الشخص نفسه بالكثير من الأشخاص يقلل من الوحدة التي يشعر بها، إلا أن الاهتمام بنوعية تلك العلاقات لها الأثر الكبير في تحقيق ذلك.(المرجع 6) (المرجع 7)
احترام الذات
لن يتمتع الشخص بالعافية النفسية أو الشعور بالرضا في حال تدنى احترام الذات لديه.(المرجع 7)
نمط الحياة الصحي
يساعد نمط الحياة الصحي في الحصول على الكثير من الفوائد الصحية والنفسية في الوقت ذاته، ومن النقاط الواجب التركيز عليها:(المرجع 8)
- تناول الطعام الصحي، وخاصة الأطعمة المعززة للصحة النفسية والمزاج.
- التعرض لأشعة الشمس بشكل كافي، مما يضمن الحصول على كمية من فيتامين D المهم للصحة النفسية.
- الحصول على القدر الكافي من النوم اليومي.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، مما يساعد في إعادة التوازن للهرمونات الدماغية.