ما ستجده في هذا المقال:
يعد الاكتئاب من أكثر المشكلات النفسية شيوعاً في العالم. وعلى الرغم من توفر خيارات علاجية نفسية ودوائية وتطبيقية (التحفيز العصبي)، إلا أن الشخص قد يبقى عرضة للانتكاسات. من هنا يرى بعض العلماء أن السبب في ذلك الالتهابات الموجودة في الجسم، وقاموا بدراسة دور مضادات الالتهاب في الخطة العلاجية.
الاكتئاب والالتهاب: الروابط تزداد قوة
من المعروف أن هناك علاقة وثيقة بين التهابات والإصابة بالاكتئاب. حيث أن التغيرات الحاصلة في المناعة تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب لعدد من الأسباب.
فمن الملفت للانتباه أن الالتهاب لا يظل مقتصراً على الجسم، بل تنتقل الجزيئات الالتهابية المحيطية عبر الحاجز الدموي الدماغي وتنتج خلايا الدماغ جزيئات التهابية. ينتج التهاب الدماغ أو التهاب الأعصاب من دخول هذه الجزيئات الطرفية إلى الدماغ ومن خلايا الدماغ التي تنتج جزيئات التهابية.
وجد العلماء أن الأطفال الذين لديهم مستويات يومية عالية من إحدى هذه العلامات يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والذهان في مرحلة البلوغ.
حقيقة تأثير مضادات الالتهاب في علاج الاكتئاب
أظهرت مراجعة الكثير من الدراسات على أن فعالية أدوية مضادات الالتهاب في حالات الاكتئاب الحاد (MDD). وكانت مضادات الالتهاب التي شملتها الدراسات هي مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs).
حيث لوحظ أن:
- مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، وأحماض أوميجا الدهنية، والستاتينات، والمينوسكلين، كانت أكثر فعالية بنسبة 52% من العلاج الوهمي في تقليل الأعراض الإجمالية للاكتئاب.
- أكثر فعالية بنسبة 79% في القضاء على الأعراض مقارنة بالعلاج الوهمي.
- يزداد التأثير عند إضافته إلى مضادات الاكتئاب.
في حين أن مضادات الالتهاب آمنة نسبيًا للاستخدام، إلا أنه يجب ملاحظة أن الأشخاص ما زالوا يموتون كل عام نتيجة للآثار الجانبية لهذه الأدوية. خاصة عند تناولها لفترة طويلة من الزمن، لذلك هناك حاجة إلى مزيد من البحث حول الجرعات.
ومن مضادات الالتهاب التي تم تناولها وذات التأثير الإيجابية على حالات الاكتئاب:
- الأيبوبروفين والأسبرين.
- أحماض أوميغا 3 الدهنية.
- مثبطات السيتوكين.
- الستيرويدات.
- الستاتينات.
- المضادات الحيوية.
- مودافينيل.أسيتيل سيستين.
هناك الكثير من الأشخاص المصابين بالاكتئاب لديهم مستويات متزايدة من المؤشرات الحيوية للالتهابات.
العلاج المشترك للاكتئاب: مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية ومضادات الاكتئاب
من الملفت للانتباه، أن في حالة إضافة مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية إلى مضادات الاكتئاب السيليكوكسيب (celecoxib) بجرعة 400 ملغ يومياً ولمدة ما بين (6 – 8) أسابيع. أظهرت فائدة إضافية كبيرة لمضادات الاكتئاب وحدها. النتائج مثيرة للإعجاب. أولئك الذين تناولوا مضادات الاكتئاب بالإضافة إلى السيليكوكسيب كان لديهم فرصة أفضل بنسبة 76٪ لتقليل أعراض الاكتئاب مقارنة بأولئك الذين تناولوا مضادات الاكتئاب وحدها.
أما في حالة اكتئاب ثنائي القطب، فقد كانت الدراسة مستمرة لمدة 12 أسبوعاً، وعلى الرغم من ذلك فقد كانت النتائج سلبية على غير ما هو متوقع.
هل يتم علاج الاكتئاب بمضادات الالتهاب بشكل منفرد؟
على الرغم من فائدة هذه الأدوية في علاج الاكتئاب عند جمعها مع مضادات الاكتئاب. إلا أن هذه الأدوية لا يظهر لها تأثيرات إيجابية في حال الاعتماد عليها بشكل منفرد في علاج الاكتئاب، خاصة في حالات اكتئاب كبار السن.
مضادات الالتهاب والاكتئاب المقاوم للعلاج
في معظم الحالات تكون الأدوية المضادة للاكتئاب غالباً ما تكون ذات فاعلية ويستفيد منها الأشخاص المصابين. إلا أن ثلثهم لا يبدي أي تحسن باستخدام هذه الأدوية.
ففي مثل هذه الحالات لاحظ العلماء أن هؤلاء الأشخاص يعانون من مستويات التهاب ليست بالحادة. والتي قد تكون بسبب الجينات أو الضغط النفسي والذي يعد السبب الأساسي في الإصابة بالاكتئاب.
لذا، يمكن أن تكون العلاجات المضادة للالتهابات ذات تأثير فعال لدى الأشخاص الذين يعانون من مثل هذه الحالات.
أعراض الاكتئاب
يمكن أن تختلف حدة وطبيعية أعراض الاكتئاب من شخص لآخر، حيث يعتبر الاكتئاب تجربة شخصية بامتياز. لكن يمكن إجمال معظم الأعراض الشائعة بما يلي:
- الشعور بالحزن والانفعال والفراغ أو اليأس.
- فقدان الاهتمام أو الشعور بالمتعة عند ممارسة الأنشطة المعتاد عليها.
- تغير ملحوظ في الشهية وما ينتج عن ذلك من تغيرات في الشهية.
- تغير أنماط النوم، بحيث ينام الشخص أكثر أو أقل من المعتاد أو يستيقظ طوال الليل أو في الصباح الباكر جداً.
- عدم امتلاك الطاقة أو زيادة الشعور بالتعب.
- الشعور بعدم القيمة أو الذنب بشكل مفرط.
- مواجهة صعوبة في التفكير أو التركيز، والنسيان أو صعوبة اتخاذ القرارات البسيطة.
- امتلاك أفكار حول الموت، والتفكير في الانتحار، أو القيام بمحاولات انتحار حقيقية.
من الطبيعي أن تمر بلحظات من الحزن كجزء من التجربة اليومية. ومع ذلك، يتطلب تشخيص الاكتئاب أن تحدث الأعراض المذكورة أعلاه معظم اليوم، كل يوم تقريباً لأكثر من أسبوعين، إلى جانب تغير واضح في الأداء اليومي.
عوامل الخطر للاكتئاب
يعتبر الاكتئاب من الحالات النفسية التي يمكن أن يعاني منه الجميع دون استثناء. إلا أن هناك مجموعة من العوامل تزيد من خطر الإصابة به.
ومن ضمن العوامل التي تلعب دور أساسي في ذلك:
- كيميائية الدماغ: قد تساهم الاختلافات في بعض المواد الكيميائية في الدماغ (مثل الناقلات العصبية السيروتونين والدوبامين والنورابينفرين) في ظهور أعراض الاكتئاب.
- العوامل الوراثة: من الشائع أن ينتشر الاكتئاب في العائلات. على سبيل المثال، إذا كان أحد التوأمين المتماثلين مصاباً بالاكتئاب، فإن الآخر لديه فرصة بنسبة 70% للإصابة بالمرض في وقت ما من حياته.
- السمات الشخصية: الأشخاص الذين يعانون من تدني احترام الذات، والذين يعانون من الشعور بالتوتر بسهولة أو الذين هم متشائمون بشكل عام قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
- العوامل البيئية: التعرض المستمر للعنف أو الإهمال أو سوء المعاملة أو الفقر يمكن أن يشكل أيضاً عاملاً للإصابة بالاكتئاب.
كما أن اختلال المواد الكيميائية يسبب الاكتئاب، فإن تناول الأدوية التي تساعد في إعادة التوازن لهذه المواد يشكل علاجاً حقيقياً لمعظم الحالات.
كلمة من عرب ثيرابي
للأدوية المضادة للاكتئاب الدور الكبير في علاج حالات الاكتئاب المتنوعة. حيث أنها تساعد الأشخاص في السيطرة على أعراضهم من خلال إعادة التوازن للهرمونات الدماغية.
لكن لحمايتهم من الانتكاسات ولزيادة المهارات والاستراتيجيات التي يمتلكونها للتعامل مع المواقف الحياتية والأمور المجهدة التي يمرون بها، يرى الأخصائيون النفسيون في عرب ثيرابي ضرورة الالتزام بجلسات من العلاج النفسي.
واعتماداً على شدة الاكتئاب، يمكن أن يستمر العلاج النفسي لبضعة أسابيع أو أكثر. إلا أنه الأشخاص يمكنهم ملاحظة تحسن كبير بأعراضهم بعد (10 – 15) جلسة.