ما ستجده في هذا المقال:
هناك جدلاً كبيراً بين ما يعتبر سلوك فطري وبين ما يمكن أن يكون مكتسب عند الحديث عن طريقة تفاعلنا مع أي من المحفزات أو مما يلي من مشاعر مترتبة عليها. حيث أن كلاً من الطبيعة والتنشئة لها تأثيرات قوية في تكوين ردود الفعل هذه.
تابع القراءة وعنا لتتعرف على حقيقة ردود أفعالنا وما هي نظرة العلم لها.
هل تفاعلنا مع المشاعر سلوك مكتسب أم فطري؟
في الوقت الذي ظن فيها العلماء ولسنوات طويلة أن مشاعرنا تتسبب في إظهارنا ردة فعل وسلوك فطري وغير مكتسب، كما هو الحال عند شعورنا بالخوف، فإن السلوك الطبيعي في هذه الحالة هو الهروب. فإن العلم الحديث أظهر أن طريقة تفاعلنا قد تكون نتيجة لسلوك مكتسب تعلمناه سابقاً.
فعلى الرغم من أن بعض مشاعرنا وطريقة تعبيرنا عنها موجود لدينا منذ اليوم الأول من الولادة، إلا أن الكثير منها يتم تطوره مع التقدم في السن واكتساب المزيد من المهارات والتجارب الحياتية.
حيث يقوم الشخص بالتعامل مع العواطف بسلوك مكتسب كما يلي:
- الشعور الجسدي بالعاطفة.
- التفسير الفكري لما يحدث.
- القيام بالسلوك التعبيري.
العواطف ليست استجابات فطرية وتلقائية، ولكنها تلك التي نتعلمها، بناءً على تجاربنا ومعرفتنا السابقة.
كيفية الاستدلال على تعلم التعامل مع المشاعر
قد تكون العواطف الأساسية هي أحاسيس عفوية وتلقائية. لكن الطريقة التي يتفاعل الشخص معها تؤدي إلى بناء مجموعة جديدة من العواطف. هذه الأخيرة يمكن التحكم بها ويجب أن تعتبر سلوك مكتسب لأن تجاربنا السابقة وما تعلمناه يحدد اتجاه سيرها.
فمثلاً قد يكون المرور بتجربة الجدال القاسي مع أحد الأشخاص ما هو إلا سبباً لحدوث نوبة من الغضب لدى الشخص. لكن من خلال ممارسة تمارين اليقظة الذهنية نصبح أكثر تفهماً وإدراكاً لكيفية التحكم والسيطرة على ردود أفعالنا وعدم الانسياق نحو الغضب.
ففي كلا الحالتين، نستطيع أن نتوصل إلى أن ردة الفعل على المواقف المحفزة هي سلوك مكتسب على الرغم من وجود ما يستثير العواطف. حيث أن:
- في حالة الغضب، يتجه الشخص نحو التصرف الذي اعتاد عليه في المواقف المماثلة. فقد أدرك من خبراته السابقة أن الجدال يثير حس الأنا الداخلي لديه، فنراه عند أبسط جدال بدأ بالاحتدام.
- أما في حالة ممارسة اليقظة الذهنية، فإن تجربته السابقة بالغضب جعلته يمارس سلوكاً يساعد في تهدئته والتقليل من حدة مشاعره فور اشتدادها.
تشير الدراسات أن تحويل سيناريو الموقف من الأنانية النموذجية التي تظهر خلال المواقف العصيبة يزيد من الرفاهية العاطفية.
هل حقاً المشاعر سلوك مكتسب؟
أظهرت أبحاث أنه لا يوجد بصمة محددة للمشاعر في الدماغ، بل أن هذه المشاعر ينتجها الدماغ من خلال الروابط العصبية. فهي الطريقة التي يعطي بها الدماغ معنى للأحاسيس الجسدية بناءً على التجارب السابقة. حيث أن الروابط العصبية الأساسية تساهم في تكوين مشاعر مثل السعادة والمفاجأة والحزن والغضب.
ويتضح ذلك على النحو التالي:
- تراقب الخلايا العصبية باستمرار الأحاسيس الجسدية التي تحدث كتحفيز للتعرض لموقف معين. مثل تسارع ضربات القلب وحركة الأمعاء السريعة وتشنج العضلات وضيق التنفس.
- يبدأ الدماغ في تحليل هذه الأعراض والأحاسيس الجسدية اعتماداً على البيئة المحيطة والتجارب السابقة المماثلة.
- يأخذ الدماغ بتوجيه الشخص لاتخاذ الإجراءات اللازمة والتي تضمن إعادة توزيع الطاقة في جميع أنحاء الجسم. فهدف الدماغ الرئيسي هو إبقاء الشخص على قيد الحياة وبصحة جيدة.
وفقاً لبحث حول كيفية تعامل الأشخاص مع العواطف، فإن قمع العواطف يضر بالرفاهية والتفاعلات الاجتماعية.
العواطف موجهة للسلوك المكتسب
من الطبيعي طريقة شعورك بالأمور من حولك توجهك نحو ما يجب القيام به فيصبح السلوك القادم مكتسب من خلال تجاربك السابقة.
فمثلاً، إن كنت ستقدم اختباراً لمادة صعبة، فمن الطبيعي أن تشعر بالقلق بشأن أدائك فيه، وكيفية تأثير الاختبار على علامتك النهائية. هذا القلق والخوف يدفعك للدراسة بشكل أفضل. حيث أن التجارب السابقة أثبتت لك أن دراستك دائماً ما تأتي بنتائج جيدة.
لا ينحصر الأمر على المشاعر السلبية. حيث أن الشخص قد يقوم بتجربة الكثير من الأمور التي تعود عليه بالمشاعر الإيجابية أو التقليل من احتمالية الشعور بشكل سيء.
فمثلاً، المشاركة بالأنشطة الاجتماعية أو ممارسة الهوايات المفضلة، من شأنها أن توفر شعوراً بالرضا والسعادة والإثارة للشخص، وتجنب مشاعر الملل أو الحزن أو القلق.
لذلك، فإن العواطف تزيد من احتمالية اتخاذ إجراءات فورية إما لتعزيزها أو للسيطرة عليها، تم تعلمها مع مرور الوقت. فعند الخوف غالباً سيهرب الشخص، وعندما يشعر بالحب فهو سيحتضن شريكه.
وجدت الأبحاث أن الشعور بالخوف يزيد من تصورات المخاطر، والشعور بالاشمئزاز يجعل الأشخاص أكثر عرضة للتخلص من ممتلكاتهم، والشعور بالفرح أو الغضب يدفع الناس إلى التحرك.
فوائد التعرف على العواطف
على الرغم من أن البعض قد يقلل من شأن العواطف وينظر إلى الأمر بطريقة غير جيدة. إلا أن لهذه العواطف تأثير كبير في الطريقة التي تبنى عليها ردود الفعل والسلوك الذي يمارسه الشخص لاحقاً. حيث أن هذه العواطف تساعد في:
التقليل من المخاطر
ما أن يبدأ الجسم بالتعرف على البيئة المحيطة والظروف المسببة لإحساس الشخص بطريقة معينة، حتى يبدأ في اتخاذ مجموعة من الإجراءات المناسبة للوقاية من المخاطر في حال تواجدها.
ففي حالة الخوف، يقوم الدماغ بتوجيه أجهزة الجسم للقيام ببعض التغييرات كاستجابة عاطفية لما يدور حول الشخص. فتصبح بعض الأجهزة أكثر نشاطاً من أجهزة أخرى لن تفيد في هذه الحالة.
اتخاذ القرارات الصحيحة
لا يمكن الفصل ما بين العواطف واتخاذ القرارات. ففي الوقت الذي يظن الشخص فيه أنه يتخذ قرارته بالمنطق والعقلانية، فهو في حقيقة الأمر يلجأ إلى عواطفه أيضاً في ذلك. فقد ثبت أن الذكاء العاطفي، أو القدرة على فهم وإدارة العواطف، يلعب دوراً مهماً في اتخاذ القرار.
وقد وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من أنواع معينة من تلف الدماغ (تؤثر على قدرتهم على تجربة العواطف) لديهم أيضاً قدرة منخفضة على اتخاذ القرارات الجيدة.
كلمة من عرب ثيرابي
العواطف هي المحرك الأساسي في الحياة. لذلك لا بد من اكتساب مهارة كيفية التعرف على هذه العواطف واكتشاف أعراضها ودلالاتها للتعامل معها بأفضل طريقة ممكنة.
ولأنها السلوك التابع للعاطفة هو سلوك مكتسب، فإن الأخصائيين النفسيين في عرب ثيرابي يرون أنه من المهم اكتساب المهارات والأساليب اللازمة لضمان القيام بما يوفر للشخص ما يلي:
- المزيد من الرفاهية والعافية النفسية.
- التقليل من الأعراض الجسدية غير المرغوب بها.