ما ستجده في هذا المقال:
عندما تحدث بحة في الصوت غالباً ما نعزو ذلك لمشكلة صحية فنلجأ إلى الطبيب للعلاج، لكن قد ننصدم عندما ندرك أنه لا يوجد سبب عضوي يؤدي إلى هذه البحة. عندها تكون مشكلة الصوت هذه ناتجة عن التعرض لضغط نفسي أو توتر عاطفي في أغلب الأحيان.
إن بدا لك الأمر مستغرب، تابع القراءة لمعرفة المزيد حول بحة الصوت النفسية وما يمكن أن يساعد في استرجاع الصوت.
علاقة التوتر العاطفي ببحة الصوت
يؤثر التوتر النفسي الذي نتعرض له في حياتنا اليومية على حالتنا النفسية والجسدية على حد سواء. ومع أننا قد لا ننتبه إلى مستويات التوتر عندما تكون قليلة، إلا أن تأثيرها لا يزال وارد في كثير من الأحيان.
ولأن القناة الصوتية لها إمدادات عصبية من كل من الجهاز العصبي المركزي والجهاز العصبي اللاإرادي، فإن ما يحدث في دماغنا من تأثيرات مرتبطة بالعاطفة لها انعكاسات على على هذه القناة الصوتية أيضاً. لذلك فإننا عندما نتعرض للمواقف المزعجة تكون لدينا تغيرات في نبرة الصوت من ضمن الأعراض الجسدية التي تظهر علينا والتي قد تتضمن:
- زيادة التشنج العضلي.
- زيادة معدل ضربات القلب والتنفس بسرعة.
- تغيرات ملحوظة في درجة الحرارة والتي تظهر من خلال الارتعاش والتعرق.
- جفاف الفم والحلق.
حيث أن التوتر والضغط النفسي المرافق للمواقف المجهدة قد يتسبب في شد العضلات حول الرقبة والكتفين. كما أنه يؤدي إلى ضيق العضلات داخل الرقبة وخارجها. مما يؤدي إلى حدوث بحة في الصوت أو ما يسمى اضطراب الصوت النفسي.
في بعض الأحيان قد يكون اضطراب الصوت أكثر حدة، فلا يحدث بحة في الصوت وإنما يصبح الشخص يهمس همساً أو يفقد صوته كلياً.
علاج بحة الصوت النفسية
على الرغم من أن الصوت قد يعود إلى سابق عهد مع زوال المحفز العاطفي الذي تعرض له الشخص، إلا أن المواقف الحياتية طويلة الأمد التي قد تسبب الضغط النفسي (الطلاق أو الإصابة بمرض مزمن أو خطير) قد تبقي بحة الصوت لفترة طويلة أيضاً مما يعني الحاجة إلى العلاج.
ومن العلاجات المفيدة في مثل هذه الحالة:
علاج الكلام واللغة (SLT)
يتم اللجوء إلى هذا النوع من العلاج أيضاً في الحالات النفسية. إذ أن تقنياته المتنوعة وتمارين الصوتية لها فاعلية كبيرة في استرجاع الصوت من جديد. بالإضافة إلى ذلك، فإن أخصائي الصوت مدربون ليكونا قادرين على:
- اكتشاف الأسباب النفسية الكامنة وراء مشكلة الصوت هذه.
- تقديم استراتيجيات لمساعدة المريض على تعلم الاسترخاء والاعتناء بنفسه بشكل أفضل.
- مساعدته على أن يصبح أكثر ثقة في التعبير عن مشاعره وتعلم قول ما يريد قوله في المواقف الصعبة.
- تقديم عدد محدود من جلسات الاستشارة لدعم المريض لتحسين طريقة تعامله مع الضغط العاطفي والعمل على التغلب على الصعوبات التي يواجها.
العلاج النفسي:
بسبب الارتباطات النفسية لبحة الصوت هذه، فإن العلاج النفسي غالباً ما يكون مفيداً للتعرف على مسببات التوتر العاطفي الذي يعاني منه المريض.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العلاج النفسي الديناميكي والذي يركز بشكل أساسي على تجارب الماضي وجوانب اللاوعي لدى المريض يعد فعّال بشكل خاص هنا.
كما أن التركيز على بعض الجوانب الأخرى عادة ما يساعد في التخلص من الأعراض النفسية والجسدية التي يعاني منها. فمثلاً يتم التركيز على:
- حل الصعوبات في التي يواجها المريض في الوقت الحاضر.
- تطوير استراتيجيات التكيف الفعالة وتحدي الأفكار والسلوكيات المعتادة التي يمكن أن تسبب صعوبات في علاقاته وحياته المهنية.
إحدى تقنيات العلاج النفسي التي يتم استخدامها بنجاح لعلاج اضطرابات الصوت هي العلاج المعرفي السلوكي (CBT).
العلاج بتدليك الحنجرة
في بعض الحالات الشديدة، قد لا يكون العلاج الكلام واللغة كافياً لتجاوز الأمر. حيث أن أخذ تشنج العضلات داخل الحنجرة ومنطقة الرقبة بأكملها بعين الاعتبار يعد أمراً أساسياً لعلاج الحالة.
من هنا يأتي دور العلاج بالتدليك الذي قد يقدمه المعالج الطبيعي أو طبيب العظام المتخصص في اضطرابات الصوت.
يعد تدليك الرقبة أو استخدام الكمادات الدافئة عليها حلاً جيداً لاسترخاء عضلاتها في حال بدأت ملاحظة تأثر صوتك بعد التعرض للموقف المحفز.
الأدوية
في حال لم تنجح العلاجات السابقة في حل مشكلة الصوت، فقد يكون للحالة ارتباطات نفسية أكثر شدة (مثل الإصابة بالاكتئاب أو الاضطراب النفسية الأخرى). عندها، فقد يقوم الطبيب النفسي بوصف أحد الأدوية النفسية الفعّالة في التعامل مع الحالة النفسية والتمكن من العلاج بحة الصوت.
ممارسة تقنيات التنفس يساعدك على حماية صوتك. لذلك امنح حلقك قسطاً من الراحة عن طريق أخذ نفساً عميقاً من صدرك أو حجابك الحاجز.
استراتيجيات للمحافظة على الصوت من البحة بعد العلاج
سواء كانت بحة الصوت لديك نفسية أم عضوية، فإن المحافظة على الصوت بعد علاجه يعد أمراً مهماً لتفادي أي انتكاسات قد تحدث. لذلك قم باتباع الاستراتيجيات التالية للمحافظة على صوتك قوياً باستمرار:
- المواظبة على شرب الماء طوال اليوم. مما يضمن بقاء الحلق رطباً وبعيداً عن الجفاف.
- إراحة الصوت من الكلام عند التمكن من ذلك.
- تجنب الأدوية التي تؤدي إلى جفاف الطيات الصوتية، مثل أدوية الحساسية أو البرد.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، حيث أن التمرين هو وسيلة طبيعية لتحسين التنفس.
المشكلات النفسية وبحة الصوت
يمكن للمشكلات النفسية المتنوعة مثل الاكتئاب أو القلق أو مجرد العصبية أو الحزن أن تسبب لنا تغيرات في أصواتنا. حيث ترتبط حالتنا النفسية والعاطفية ارتباطاً وثيقاً بصوتنا.
ويعود ذلك إلى أن منطقة الدماغ التي تتعامل مع الصوت تقع في الفص الجبهي، والمنطقة التي تتعامل مع العاطفة وخاصة الاستقرار العاطفي تقع أيضاً في الفص الجبهي.
لذلك، يمكننا أثناء مكالمة الهاتف معرفة ما إذا كان الشخص المقابل يشعر بالحزن أو العصبية أو القلق من خلال نبرة صوته ومدى تأثرها.
إن تركت الحالات الشديدة دون علاج، من المرجح أن يزداد الصوت سوءًا مع مرور الوقت. ويمكن أن يؤدي التوتر العضلي المتزايد المستمر إلى ألم في العضلات وعدم القدرة على إنتاج الصوت.
كلمة من عرب ثيرابي
تعتبر المواقف الحياتية المجهدة نفسية أمراً لا مفر منه، لكن تعلمك كيفية التعامل مع هذه المواقف هو ما يحدد مدى تأثرك نفسياً وجسدياً بها.
إن لاحظت أن المواقف الصعبة التي تمر بها تزداد حدة ولا تستطيع التعامل معها وأصبح تأثيرها كبير على حياتك اليومية. فإن الأخصائيين النفسيين في عرب ثيرابي يرون ضرورة طلب المساعدة النفسية المتخصصة تتمكن من تعلم المزيد من المهارات التي تساعدك على إدارة التوتر.