ما ستجده في هذا المقال:
يولد كل دقيقة طفل جديد يحمل معه مجموعة فريدة من الصفات الوراثية. ولكن ماذا لو حدث خطأ طفيف في هذه الشفرة الوراثية؟ هذا ما يحدث في حالة متلازمة نونان، وهي حالة تؤثر على واحد من كل ألف إلى 2500 طفل حول العالم، وتترك بصمتها الخاصة على نموهم وتطورهم.
ما هي متلازمة نونان؟
تنتج متلازمة نونان عن خلل وراثي يؤثر على نمو وتطور الجسم، مما يسبب مجموعة من الأعراض تتمثل بظهور ملامح غير عادية على الوجه، وقصر القامة، ومشكلات في القلب، ومشكلات بدنية أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، تُسبب نمو الطفل بصورة أبطأ من المعتاد، على سبيل المثال، في المشي أو التحدث أو تعلم أشياء جديدة.
ما هي أسباب متلازمة نونان؟
تعد الطفرات الجينية الحاصلة خلال عملية انقسام الخلايا ونموها هي السبب الكامن وراء حدوث متلازمة نونان (Noonan syndrome). وبغض النظر عن عدد الطفرات الجينية التي تحدث، فقد يكفي وجود طفرة واحدة لحدوث هذه المتلازمة. وغالباً ما تتعلق هذه الطفرات بالجينات التالية:
- جين PTPN11 والذي يسبب حوالي نصف جميع الحالات.
- طفرات جين SOS1 تتسبب في حوالي (10 – 15)% من عدد الحالات.
- الطفرات في الجينات RAF1 و RIT1 تؤدي إلى حدوث 5% من الحالات.
فعند حدوث الطفرات الجينية في هذه الجينات يتم تشغيل البروتين الناتج (نشط) لفترة أطول من المعتاد خلال قيام الخلايا بوظائف محددة مثل التمايز والحركة، بدلاً من تشغيله وإيقافه على الفور استجابة لإشارات الخلايا.
يؤدي هذا التنشيط المطول إلى تغيير إشارات RAS أو MAPK الطبيعية، مما يعطل تنظيم نمو الخلايا وانقسامها، مما يؤدي إلى السمات المميزة لمتلازمة نونان.
وتتناقل هذه المتلازمة وراثياً، حيث أن كل شخص لديه نسختان من كل جين. لذلك لا يتطلب الأمر سوى جين واحد متغير للتسبب في مرض نونان. في هذه الحالة، تبلغ احتمالية إصابة أطفال أحد الوالدين المصابين بمتلازمة نونان أيضًا 50%.
سبب متلازمة نونان في 15 إلى 20 بالمائة من الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب غير معروف.
كيف تظهر أعراض متلازمة نونان؟
بسبب ارتباط متلازمة نونان بطفرات جينية متعددة، فقد يكون هناك تبايناً كبيراً في حدة الأعراض التي قد تظهر وشدتها. ومن هذه الأعراض:
ملامح الوجه
تعتبر ملامح الوجه الدليل الأولي لتشخيص متلازمة نونان، وخاصة في مرحلة الرضاعة أو الطفولة المبكرة. ومع تقدم العمر، قد تتلاشى بعض هذه الملامح المميزة تدريجياً ويصبح التعرف على هذه الملامح أكثر صعوبة. ومن الملامح المرتبطة بمتلازمة نونان:
- عيون عريضة ومائلة والتي غالباً ما تكون باللون الأزرق أو الأخضر الشاحب مع جفون متدلية. كما يحدث مشكلات في عضلات العين (مثل الحَوَل).
- الأذنان منخفضات مقلوبتين للخلف.
- صغر الأنف من الأعلى مع وجود قاعدة واسعة أو طرف مستدير الشكل له.
- يتميز الفم بمظهر غريب، حيث يوجد أخدود عميق يفصل بين الأنف والشفة العليا والتي عادة ما تكون عريضة. كما قد يكون هناك تجعد عميق يمتد من الأنف إلى زاوية الفم، خاصة مع التقدم في العمر. بالإضافة إلى وجود أسنان معوجة أو سقف فم مقوس.
- الرأس يبدو كبيراً أو ذو جبهة عريضة خاصة وأن حافة الشعر متراجعة إلى مؤخرة الرأس.
- البشرة قد تبدو رقيقة وشفافة مع التقدم في العمر.
سمات الوجه قد تبدو خشنة، لكنها تبدو أكثر حدة مع العمر. وقد يبدو الوجه متدلياً ولا يُظهر التعابير.
مرض القلب
على الرغم من أن الكثير من مشاكل القلب تظهر عند العديد من المصابين بمتلازمة نونان منذ الولادة، إلا أنه قد تظهر مشاكل قلبية أخرى في مراحل لاحقة من العمر. ومن أمراض القلب الخلقية المرتبطة بهذه متلازمة:
- حالات صمام القلب.
- زيادة سُمك عضلة القلب.
- مشكلات أخرى في القلب.
- عدم انتظام ضربات القلب.
مشكلات في النمو
يؤثر اضطراب نونان في معدل النمو الطبيعي. وقد يشمل ذلك:
- ولادة الطفل بوزن طبيعي لكن يتباطأ النمو بمرور الوقت.
- صعوبات في الأكل قد يؤدي إلى سوء التغذية أو زيادة الوزن.
- انخفاض شديد في مستويات هرمون النمو.
- قصر القامة كشخص بالغ، ومع أنه أمر شائع، لكن بعض الأشخاص المصابين بمتلازمة نونان قد لا يصابون بقِصر القامة.
لا تؤثر متلازمة نونان لدى معظم الإناث في قدرتهن على الحمل. ولكن قد لا تتطور الخصوبة لدى الذكور حسب المتوقع، ويرجع ذلك غالباً إلى حالة الخصية المُعلقة.
مشكلات العضلات والعظام
بالإضافة إلى جميع ما سبق، قد يعاني الشخص من:
- تقعر القفص الصدري، وهي حالة يكون فيها عظم الصدر والأضلاع في وضع غائر عميقًا داخل الصدر.
- تباعُد الحلمات.
- قِصر الرقبة، غالبًا مع وجود طيات زائدة في الجلد، تُعرف باسم الرقبة المجنحة.
- وجود انحناء غير طبيعي في العمود الفقري.
صعوبات التعلم
لا تؤثر متلازمة نونان في ذكاء معظم المصابين بهذه الحالة المرَضية. ومع ذلك قد يواجهون مشكلات متعلقة بما يلي:
- زيادة احتمالات صعوبات التعلم والإصابة بالإعاقة الذهنية الخفيفة.
- مجموعة كبيرة من المشكلات النفسية والعاطفية والسلوكية.
- مشكلات في الإبصار والسمع قد تجعل التعلم أكثر صعوبة.
قد تسبب متلازمة نونان مشكلات في السمع نتيجة حدوث خلل في العصب أو بنية عظمة الأذن الداخلية التي تكون غير طبيعية.
كيف يمكن تشخيص متلازمة نونان؟
عادةً ما يلاحظ الأطباء سمات متلازمة نونان عند الولادة أو بعدها بفترة وجيزة ويشتبهون في التشخيص. سيقوم الطبيب بالسؤال عن التاريخ العائلي للأمراض الوراثية وإجراء الفحوصات المخبرية. عندها سيقرر الطبيب ما إذا كان الطفل قد يعاني من هذه المتلازمة أم لا.
سيطلب أخصائي الاضطرابات الوراثية إجراء اختبار وراثي لمعرفة الطفرة التي يعاني منها الطفل. حيث أن معرفة الجين الحامل للطفرة يساعد الأطباء في الحصول على فكرة أفضل عن الأعراض التي قد تكون الأكثر تحدياً للطفل.
وقد يحتاج الأمر أيضاً إلى إجراء:
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).
- التصوير المقطعي المحوسب (CT).
- الموجات فوق الصوتية.
- تخطيط صدى القلب.
ما هو علاج متلازمة نونان؟
على الرغم من عدم وجود علاج لهذه المتلازمة، إلا أنه يمكن التعامل مع الأعراض بشكل منفصل. فمن العلاجات المتاحة:
- حل مشاكل القلب من خلال الأدوية أو الجراحة.
- علاج النزيف بالأدوية أو نقل الدم.
- لتسريع النمو البطيء يمكن اللجوء إلى هرمون النمو أو أي دواء آخر.
- تصحيح وضع الخصية المعلقة من خلال الجراحة.
- الانضمام إلى البرامج التعليمية للتعامل مع صعوبات التعلم.
- العمل مع معالج النطق قبل بدء المشاكل النطق واللغة بشكل واضح.
كيف يمكن الوقاية من متلازمة نونان؟
متلازمة نونان تحدث نتيجة تغير في الجينات، وهي حالة وراثية بحتة، ولا يوجد أي شيء يمكنك فعله لمنع حدوثها. إذا كانت هذه المتلازمة موجودة في عائلتك، يمكن استشارة الطبيب لإجراء فحوصات وراثية قبل الحمل.
ما دور الدعم النفسي في تقليل شعور الوالدين بالذنب؟
تشير الإحصائيات إلى أن نسبة كبيرة من الآباء المصابين بأمراض نادرة، بما في ذلك متلازمة نونان، ينقلون هذه الأمراض إلى أطفالهم. هذا الأمر قد يسبب شعوراً بالذنب لدى هؤلاء الآباء.
وعلى الرغم من أن هذا الشعور يعد أمراً طبيعياً، إلا أنه من المهم أن يتذكروا أن هذا ليس خطأهم ومن ثم تقديم الدعم لهم بالشكل المطلوب. لذلك فهم بحاجة إلى من يستمع إليهم ويواسيهم وينصحهم في الوقت ذاته.
كلمة من عرب ثيرابي
في عرب ثيرابي، نحن نلتزم بتقديم أفضل خدمات الصحة النفسية عبر الإنترنت بجودة عالية ومعالجين مؤهلين. نسعى دائماً لتقديم العناية الشخصية والدعم اللازم لكل فرد يبحث عن الرعاية النفسية. اكتشف طريقك نحو الشفاء والتوازن النفسي معنا اليوم واستعد لرحلة تحسين صحتك النفسية بثقة ويسر.
