ما ستجده في هذا المقال:
تخيل أنك عالق في دوامة من الذكريات المؤلمة والأفكار السلبية. هذا هو الواقع الذي يعيشه الكثير من الأشخاص المصابين باضطراب كرب ما بعد الصدمة والذين يحتاجون إلى علاج. ولكن، هناك أمل. العلاج المعرفي السلوكي يمكن أن يكون بمثابة المنارة التي توجهك إلى بر الأمان.
ما هي أعراض اضطراب كرب ما بعد الصدمة؟
اضطراب كرب ما بعد الصدمة هو اضطراب نفسي يتطور لدى الأفراد الذين تعرضوا لأحداث مؤلمة للغاية، ويؤدي إلى ظهور مجموعة من الأعراض المزعجة التي قد تستمر لفترات طويلة، مما يعيق قدرة الفرد على العودة إلى حياته الطبيعية.
ومن أعراض اضطراب كرب ما بعد الصدمة:
- الذكريات المتكررة: استرجاع الأحداث الصادمة بشكل غير متعمد.
- الكوابيس: أحلام مزعجة تتعلق بالصدمة.
- القلق والتوتر: شعور دائم بالقلق أو الانفعال. (جرب اختبار القلق وتحقق من مشاعرك).
- تجنب المواقف: تجنب الأماكن أو الأشخاص المرتبطين بالصدمة.
- الشعور بالانفصال: شعور بعدم الارتباط بالواقع أو بالناس.
- مشاعر الاكتئاب: شعور بالحزن وفقدان الاهتمام بالأنشطة.
- صعوبة التركيز: مشاكل في التركيز أو اتخاذ القرارات.
- تغيرات في النوم: صعوبة في النوم أو النوم المفرط.
- التهيج والغضب: زيادة في مشاعر الغضب أو الانفعال.
- الأعراض الجسدية: مثل الصداع أو آلام الجسم غير المبررة.
على الرغم من أن انتشار اضطراب ما بعد الصدمة قد يقدر بـ 10%، إلا أن هذه النسبة ترتفع بين الأشخاص الذين عانوا من صدمات مباشرة لتقترب من 100%.
كيف يعمل العلاج المعرفي السلوكي في علاج اضطراب كرب ما بعد الصدمة؟
يمكن معرفة كيفية تأثير العلاج المعرفي (Cognitive) السلوكي على أعراض اضطراب كرب ما بعد الصدمة من خلال التدقيق في النظريات الخاصة بالصدمة على النحو التالي:
- تفترض نظرية المعالجة العاطفية أن الأشخاص الذين عانوا من صدمة يربطون بين ذكريات الحدث وأفكار سلبية واستجابات جسدية وعاطفية. يهدف العلاج إلى كسر هذه الروابط وتكوين روابط جديدة أكثر صحة.
- وفقًا لنظرية الإدراك الاجتماعي، يسعى الأفراد إلى إعطاء معنى للأحداث المؤلمة من خلال دمجها في نظام معتقداتهم القائم. ومع ذلك، قد تؤدي هذه المحاولة إلى تفسير خاطئ للحدث، مما يعزز الشعور بالذنب أو العجز ويقلل من قدرة الفرد على التعامل مع الصدمة.
ما هي فوائد العلاج المعرفي السلوكي لاضطراب كرب ما بعد الصدمة؟
يعود الفضل في فعالية العلاج المعرفي السلوكي في علاج اضطراب كرب ما بعد الصدمة إلى قدرته على تعديل الأنماط التفكيرية السلبية، بالإضافة إلى التغيرات الملحوظة في نشاط الدماغ. حيث يعمل على:
تحسن في معدل ضربات القلب
أظهر المرضى المصابون باضطراب ما بعد الصدمة انخفاضًا أكبر في معدل ضربات القلب وتحسنًا في استجابة ضغط الدم عند الوقوف بعد الخضوع للعلاج المعرفي السلوكي.
الذاكرة اللفظية
تبين أن غير المستجيبين للعلاج المعرفي السلوكي (Behavioral) يعانون من ضعف ملحوظ في الذاكرة اللفظية مقارنة بالمستجيبين، بالإضافة إلى ضعف في ترميز السرد.
تنشيط الدماغ
أظهرت دراسة الناجين من حوادث السيارات الذين تلقوا العلاج المعرفي السلوكي انخفاضًا أكبر في التنشيط الكهربائي الدماغي الأمامي الأيمن مقارنة بمجموعة الضبط. وفي كلا المجموعتين، ارتبط انخفاض أعراض اضطراب كرب ما بعد الصدمة (Trauma) بانخفاض التنشيط الأمامي الأيمن المرتبط بمحفز الصدمة.
استجابة التصوير بالرنين المغناطيسي
أظهرت استجابة العلاج المعرفي السلوكي ارتباطًا مع استجابات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ، حيث ارتبطت الاستجابة الضعيفة بتنشيط اللوزة الدماغية الثنائية الكبرى والحزام الأمامي البطني عند التعرض لوجوه مخيفة.
قد تشير استجابة اللوزة الدماغية المعززة إلى انخفاض القدرة على إدارة ردود الفعل القلقية الناتجة عن العلاج المعرفي السلوكي، مما قد يحد من فعالية العلاج.
ما هي تقنيات العلاج المستخدمة لاضطراب كرب ما بعد الصدمة؟
على الرغم من تنوع تقنيات العلاج المعرفي السلوكي، إلا أن بعض التقنيات تعتبر أساسية في علاج اضطراب ما بعد الصدمة ويمكن تطبيقها بشكل ذاتي لمساعدة النفس على التعافي. ومن بينها:
إعادة الهيكلة المعرفية
عندما نمر بصدمة، قد نطور أفكارًا سلبية عن أنفسنا والعالم من حولنا. هذه الأفكار يمكن أن تؤثر على طريقة تفكيرنا وشعورنا وسلوكنا. العلاج المعرفي السلوكي يساعدنا على تحدي هذه الأفكار وتطوير طرق جديدة للتفكير.
تحديد أهدافًا ذكية
بالعمل مع المعالج، يضع الفرد أهدافًا محددة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق وواقعية ومحددة زمنياً. ومع ذلك، قد تكون بعض الأهداف غير متناسبة مع قدراتنا أو ظروفنا الحالية يزيد من احتمالية الفشل والإحباط. لكن من خلال العمل مع معالج متخصص في العلاج المعرفي السلوكي يمكن تحديد أهداف قابلة للتحقيق تدريجيًا، مما يعزز من دوافعك ويزيد من فرص نجاحك.
ممارسة التأمل
إن البحث العلمي يدعم بشكل متزايد فوائد التأمل في علاج اضطراب ما بعد الصدمة. عندما يقترن التأمل بالعلاج المعرفي السلوكي، يمكن أن يساعد الأفراد على تقليل أعراضهم بشكل كبير وتحسين نوعية حياتهم.
من خلال التركيز على اللحظة الحالية وهدوء العقل، يمكن للأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة تطوير مرونة أكبر في مواجهة الصعوبات.
تدوين اليوميات
إن الاحتفاظ بدفتر يوميات ليس مجرد هواية، بل هو أداة قوية للشفاء. عندما تكتب عن تجاربك المؤلمة، فإنك تعطي لنفسك مساحة آمنة للتعبير عن مشاعرك وتفريغ الطاقة السلبية. هذا التعبير العاطفي يساعد على تخفيف حدة الصدمة وتحسين الصحة النفسية.
تخيل أن تدوين المذكرات هو كأنك تطلق سحابة مظلمة من أفكارك ومشاعرك. كلما كتبت أكثر، زادت قدرتك على رؤية الأمور بوضوح وتجاوز الصعوبات.
جدولة النشاط
الشعور بالإرهاق أو الاكتئاب بعد التعرض لصدمة أمر شائع. قد تجد صعوبة في أداء المهام اليومية. ولكن تذكر، مكافأة نفسك على ممارسة الرعاية الذاتية، حتى لو كانت بأشياء بسيطة، يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا. فبمجرد الانتهاء من مهمة معينة، يمكنك التطلع إلى نشاط ممتع ومريح، مما يزيد من دوافعك لمواصلة المضي قدماً.
أحد أسباب استمرار اضطراب ما بعد الصدمة هو تجنب المواقف التي تسبب القلق. مواجهة هذه المواقف تدريجياً يساعد على التغلب على الخوف وبناء الثقة بالنفس.
ماذا يحدث خلال جلسة العلاج المعرفي السلوكي؟
تشمل المرحلة التالية في العلاج المعرفي السلوكي لاضطراب ما بعد الصدمة وضع خطة عمل شخصية بالتعاون مع المعالج، الذي يعمل كدليل. تهدف هذه الخطة إلى تحديد التحديات الخاصة بالمريض واستخدام أساليب العلاج (Therapy) المعرفي السلوكي للتخفيف من تأثيرها.
قد تتضمن الاستراتيجيات تقليل استجابات الخوف تدريجيًا من خلال العلاج بالتعرض، وتعزيز مهارات تنظيم المشاعر، وتغيير كيفية تصور الأحداث المؤلمة. يحدد هذا النهج خطوات التعافي، مع الحفاظ على مرونة للتكيف مع التقدم.
كلمة من عرب ثيرابي
في ختام المقال، إذا كنت تعاني من آثار كرب ما بعد الصدمة، فلا تتردد في اتخاذ الخطوة الأولى نحو الشفاء والحصول على الدعم (Support). عرب ثيرابي يقدم لك العلاج المعرفي السلوكي عبر الإنترنت، مع معالجين نفسيين مؤهلين. انضم إلينا اليوم وابدأ رحلتك نحو حياة أفضل. صحتك النفسية تستحق الاهتمام، ونحن هنا لمساعدتك في كل خطوة.